كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها بتاريخ 5/7/1998م في طهران بمناسبة زيارته البرلمانية للجمهورية الإسلامية الإيرانية

 

دولة الأخ حجة الإسلام/ علي أكبر ناطق نوري – رئيس مجلس الشورى بالجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة.

الأخوة / أعضاء مجلس الشورى.

الحاضرون جميعاً:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تغمرني السعادة وأنا ألتقي بكم في هذا اليوم المبارك وفي هذا البلد العظيم الذي نعتبره قلعة حصينة من قلاع الإسلام فقد كان ولا يزال منذ قيام الثورة الإسلامية المباركة مدافعاً عن قضايا المسلمين في العالم يبذل الجهد ويقدم النصرة لإخوانه من منطلق الأخوة الإسلامية .

دولة رئيس المجلس :

الحاضرون جميعاً :

إن تاريخ العلاقات بين بلادنا وإيران الشقيقة ليس وليد الأمس وإنما يعود إلى ماقبل الإسلام حينما لجأ الملك الحميري سيف بن ذي يزن إلى دولة فارس طالباً منها نصرته على الأحباش الذين غزو اليمن .

أما في العصر الحديث فإن العلاقات بين البلدين لم تأخذ الطابع الرسمي إلا في بداية السبعينات حينما فتحت سفارة لبلادنا في طهران حيث شهدت العلاقات بين الجانبين تطوراً محدوداً أقتصر فيه التعاون على المجالين الصحي والتعليمي .

وبعد إندلاع الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979م كانت اليمن من أوائل الدول التي أعترفت بالثورة وباركتها ثم تلى ذلك التوقيع على إتفاق للتعاون الإقتصادي بين الجانبين سنة 1980م ونتيجة للظروف التي مرت بها المنطقة فإن مجالات التعاون لم تتوسع وتتطور بما يلبي الطموحات ويعزز علاقات الأخوة بين البلدين والشعبين الشقيقين.

وحينما أعلنت الوحدة بين شطري اليمن سنة 1990م بادرت إيران الشقيقة إلى مباركة الوحدة اليمنية وأرسلت مبعوثاً عالي المستوى لتهنئة القيادة السياسية في بلادنا ، ونتيجة لذلك الموقف الإيجابي لبلادكم والذي يعكس الشعور العالي بالمسئولية بل ويؤكد على سلامة النهج المتمثل في العمل على توحيد كلمة المسلمين وجمع صفوفهم دخلت العلاقات بين الجانبين مرحلة جديدة توجت بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين أواخر 90م وتم على أساسها تشكيل اللجنة الإقتصادية المشتركة التي كان آخر لقاء لها في نوفمبر الماضي في العاصمة طهران.

الحاضرون الأعزاء :

لقد تعددت الزيارات وحركة الوفود بين البلدين حيث بلغ إجمالي الزيارات المتبادلة أكثر من خمسين زيارة نتج عنها الكثير من الفوائد للجانبين وتعمقت عرى الأخوة بصورة أفضل حيث يوجد حالياً ثمانية مشاريع للتعاون في المجالات المختلفة تنتظر التوقيع عليها بين البلدين وأجدها فرصة طيبة للتأكيد على ضرورة إستكمال الإجراءات المتعلقة بهذه المشاريع لأهميتها وأثرها في تعميق أواصر الأخوة والصداقة بين شعبينا المسلمين .

أما على الصعيد البرلماني فإن الزيارة التي قام بها رئيس مجلس الشورى الإيراني الأسبق حجة الإسلام/ مهدي كروبي لبلادنا في ديسمبر عام 91م والمباحثات التي أجراها مع المسؤولين آنذاك تعتبر اللبنة الأولى في صرح التعاون البرلماني واليوم تأتي هذه الزيارة وما سيتمخض عنها من إتفاقيات ثنائية الخطوة العملية والترجمة الحقيقية لبناء جسور التواصل بين مجلس النواب اليمني ومجلس الشورى الإيراني .

الحاضرون جميعاً :

إن الظروف التي مرت بها بلادنا بدءً بالصراعات التي أعقبت ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر في الستينات مروراً بتوحيد شطري اليمن وإنتهاءً بحرب الردة والإنفصال الذي كاد يدخل بلادنا في نفق مظلم ، كل هذه الظروف قد فرضت علينا وضعاً إقتصادياً صعباً يتطلب الخروج منه مؤازرة الأشقاء والأصدقاء حتى نتجاوزه بإذن الله تعالى .

ونحن على يقين من أن الأشقاء في إيران لن يألوا جهداً في دعمنا والوقوف إلى جانبنا في هذه المرحلة الدقيقة التي نمر بها خاصة وأن مواقفكم العظيمة كانت ولا تزال إلى جانب خيار شعبنا في الإنتصار لإرادته ، ونتذكر بإجلال موقف إيران الداعم للوحدة والرافض للإنفصال أثناء المحنة التي تعرضت لها بلادنا في صيف 94م .

الأخ / رئيس مجلس الشورى :

الحاضرون الأكارم :

إن المتغيرات التي يمر بها العالم اليوم والتأمر على الإسلام والمسلمين الذي يزداد مكراً ودهاءً يحتم على الشعوب الإسلامية وقادتها اليقظة والحذر ومراجعة النفس وتجاوز الخلافات المصطنعة التي كرسها أعداء الإسلام والوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذه التحديات التي لا تميز بين مسلم في الشرق أو مسلم في الغرب .

إن الضربات المتتالية التي يتعرض لها الإسلام في أكثر من مكان في العالم في الوقت الراهن توجب علينا جميعاً إعلاء روح التسامح في ما بيننا وتهيئة الظروف وإعداد الآليات الكفيلة بتوحيد قدراتنا وطاقاتنا حتى نستعصي على أعدائنا الذين يتربصون بنا الدوائر .

إنني والله لأشفق على المسلمين اليوم مما وصلوا إليه من ذل وهوان ، كل ذلك بسبب تقصيرهم في دينهم وكثرة خلافاتهم ، وصدق الله تعالى حيث يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) صدق الله العظيم .

ولذلك فإن المسئولية كبيرة والأمانة عظيمة والعمل لخير الإسلام والمسلمين من أولى الأولويات في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا .

الحاضرون جميعاً :

إن المتابع لما يجري في فلسطين المحتلة من قمع وتقتيل للأبرياء وتهديم للبيوت بواسطة قوات الجيش الإسرائيلي المحتل ليتألم أشد الألم من هذه الممارسات البشعة التي ترتكب كل يوم بحق الأبرياء على مرأى ومسمع المجتمع الدولي في الوقت الذي يتغنى الجميع بالسلام ، إن إستمرار بناء المستوطنات والمحاولات المتكررة لتهويد القدس وتشريد أبناء الشعب الفلسطيني وإحتلال الجولان السوري والجنوب اللبناني كل ذلك يجعل من السلام سراباً ووهماً لا ينبغي أن يعلق عليه المسلمون الآمال .

إن السلام العادل والشامل منظومة متكاملة قامت على أسس ملزمة لجميع الأطراف فلا يصح أن يكون السلام لصالح طرف على حساب طرف آخر ولا يجوز أن يستمر تقديم التنازلات من طرف مقابل التعنت والصلف والإستكبار من قبل الطرف الآخر ، فذلك ليس سلاماً بل هو الإستسلام بعينه ، وهذا مارفضه العقلاء منذ بدأت مسيرة السلام المزعوم تتخبط ويزداد اليهود إستكباراً وعتواً في الأرض .

الحاضرون جميعاً :

لا أود أن أطيل عليكم فالهموم كثيرة والآلام عديدة  ولكني أذكر بنقطة مهمة وهي أن تحسين العلاقات بين الشعوب العربية والإسلامية وتجاوز التباينات في وجهات النظر وتقديم التنازل في سبيل حفظ الأخوة الإسلامية وتقوية دعائمها هو المفتاح لتعزيز أواصر الأخوة ومد جسور الثقة نحو مستقبل مشرق لشعوب العالم الإسلامي بإذن الله تعالى .

فما ينقصنا اليوم هو إعادة الثقة وتوحيد الصفوف تجاه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون في الكثير من بقاع العالم وماحدث في البوسنه والهرسك بالأمس يتكرر اليوم في إقليم كوسوفو في ظل صمت المجتمع الدولي تجاه هذه المآسي ، ولو كنا يداً واحدة وجسداً واحداً كما أخبر عن ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم لما حدث ماحدث .

أسأل الله العلي القدير أن يجمع كلمة المسلمين ويوحد على طريق الخير صفوفهم إنه سميع مجيب .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp