كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها بتاريخ 17/11/1993م في صنعاء عند حضور رئيس وأعضاء مجلس الوزراء لمناقشة الأزمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:

في البداية أرحب بالأخوة رئيس وأعضاء مجلس الوزراء الذين حضروا هذا اليوم إستجابة لدعوة المجلس لإجراء مناقشة عامة حول الأزمة الراهنة فأهلاً وسهلاً بهم ، وأن مجلس النواب عندما قرر إستدعاء الحكومة إنما مارس حقه الدستوري في الرقابة على السلطة التنفيذية بإعتباره ممثلاً للشعب الذي منحه الثقة وأوكل إليه القيام بهذه المهمة نيابه عنه ، والمجلس عندما أخذ على عاتقه مسئولية بحث أسباب الأزمة الراهنة وإيجاد الحلول التي تجنب البلاد الأثار السلبية المترتبة على مايجري ، إنما كان ذلك إستشعاراً للمسئولية التي يتحملها المجلس أمام هذا الشعب وحماية لمنجز الوحدة والديمقراطية والتعددية وحفاظاً على الصورة المشرقة التي إكتسبها شعبنا عقب إنتخابات 27/إبريل/93م ونتائجها  التي ينبغي على الجميع إحترامها والتعامل على أساسها وحتى لاتتعرض لمخاطر نتيجة ممارسات خاطئة ، لأنه ليس من المقبول أن يرى المجلس الأخطار تحدق بالوطن وبمكاسبه ومنجزاته ثم يقف متفرجاً على مايجري .

وإذا كان البعض يريد من هذا المجلس أن يكون ديكوراً فإن عليه أن يعرف أن هذا لن يكون بعون الله ، فهذا المجلس ما وجد إلا ليكون عين الشعب على السلطة التنفيذية وسيظل كذلك ولن يسمح لأحد أن يتجاوز مهامه وإختصاصاته الدستورية أو أن يهمش دوره في التشريع والرقابة والمتابعة وتقصي الحقائق ، ولن يكون في يوم من الأيام تابعاً لأحد وسيبقى دائماً مع مصلحة اليمن أينما وجدت يدور معها حيثما دارت ولن يجامل أحداً على حساب المصلحة العليا للوطن والمجلس هو القناة الشرعية التي كان على أطراف الخلاف أن تلجأ إليها لتطرح ماعندها من وجهات نظر إذا لم تتمكن من التوصل إلى قناعات مشتركة عبر الأطر والقنوات المتفق عليها داخل السلطة التنفيذية والإئتلاف بدلاً من اللجؤ إلى الوسائل الإعلامية في الداخل والخارج لأن الطرح عبر وسائل الإعلام لا يساعد على التوصل إلى حلول بل يؤدي إلى التصعيد الذي قد يوجد القطيعة ويخلق حالة من البلبلة والترقب في صفوف المواطنين .

أيها الأخوة :

لقد إستبشر الناس خيراً عندما شكلت الحكومة الإئتلافية والتي عكست نتائج الإنتخابات العامة التي جرت يوم 27/إبريل/1993م على أمل أن ذلك سيكون بداية لمرحلة جديدة يسودها الأمن والإستقرار وتتعاون فيها كل القوى الفاعلة في البلاد لبناء دولة المؤسسات دولة النظام والقانون التي يعيش المواطن في ظلها آمناً على نفسه وماله وعرضه ودمه ودينه وتتوفر فيها عوامل الطمأنينة والإستقرار فينطلق باذلاً جهده في البناء والنهوض متحرراً من الخوف والجوع أهم عوامل الإحباط في الحياة .

ولقد جاء إقرار مجلس النواب لبرنامج الحكومة ومنحها الثقة ليعطيها الشرعية لتبدأ مسيرة العمل والبناء الجاد للقضاء على مخلفات التشطير وما تبقى من مظاهره واتفق على زمن محدد لتحقيق بعض المهام العاجلة وكان المجلس واضحاً في تأكيده على ضرورة قيام الحكومة بإيجاد حلول عاجلة لقضايا المواطنين المعيشية والأمنية ، كما كان مؤيداً لتوجه الحكومة في القضاء على الفساد المالي والإداري وإصلاح الأوضاع الإقتصادية والإدارية والأمنية وإستكمال دمج المؤسسات وخاصة العسكرية وأبدى المجلس إستعداده للتعاون مع الحكومة لإنجاح مهمتها .

وفي الوقت الذي كان المجلس ومعه أبناء الشعب ينتظرون من الحكومة أداء مهامها التي في مقدمتها توفير الأمن والإستقرار أهم ركائز التنمية إذا بنا نجد أن الحكومة قد إنشغلت بخلافات القيادة السياسية فتعطلت أعمالها وهذا وضع غير صحيح ، فإن حدوث أي إختلاف أو تباين في وجهات نظر القيادة السياسية لا يجوز أن يعطل عمل الحكومة بل كان عليها أن تستمر في تنفيذ وإنجاز مهامها المحددة في البرنامج الذي مُنحت الثقة على ضوئه من هذا المجلس وماتضمنه تعقيب المجلس عليه وأن لاتنشغل بما يحدث من إختلافات أو تباينات فمن الضروري أن نفصل بين النشاط الحزبي والعمل الحكومي لأن الخلط بينهما لن يكون في مصلحة البلاد ، ولإن إنجاز الحكومة لمهامها كفيل بتجاوز كثير من الطروحات .

والمجلس عندما لمس هذا الوضع ووجد أن الأزمة تتصاعد وحتى لا تتفاقم الأمور وتزداد تدهوراً فقد قرر ممارسة لمهامه وصلاحياته الدستورية إستدعاء رئيس وأعضاء الحكومة ليستمع منهم إلى أسباب الخلاف ومسبباته بإعتبار أن الحكومة إئتلافية والخلاف بين طرفين من أطراف الإئتلاف وحتى يعرف منهم ما أنجز ومالم ينجز من المهام التي تضمنها برنامج الحكومة وتعقيب المجلس "حيث أكد رئيس الحكومة في كلمته التي ألقاها هنا عند منحه الثقة أن حكومته ستبذل كل جهدها لتنفيذ ما ورد في البيان وفي تعقيب المجلس على البيان وأنه في حالة مواجهة الحكومة لأي صعوبة في التنفيذ فإنها سوف تعود إلى مجلس النواب لإيضاح الأسباب والمناقشة مع المجلس لوضع المعالجات المناسبة " ولنناقش معهم كل مايهم المواطنين من قضايا وليخرج الجميع بحلول عملية وواقعية تجسد المصلحة الوطنية وتخدم جموع المواطنين وتجنب البلاد مزالق خطيرة نأمل أن لاتصل إليها إستجابة لقوله تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)

وفقنا الله جميعاً إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد إنه على كل شيء قدير

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp