كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها بتاريخ 16/7/1994م في صنعاء بمناسبة إنتصار الوحدة والشرعية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل (وما النصر إلا من عند الله)

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

نحمد الله ونشكره ونثني عليه جزيل الثناء على ما أنعم به على بلادنا بإخراجها من الفتنة التي دبرتها وخططت لها شرذمة الإنفصال في الحزب الإشتراكي ومن تحالف معهم من المتأمرين الذين رد الله كيدهم في نحورهم فكشفهم وافشل مخططهم وهزمهم شر هزيمة وحفظ لشعبنا وحدته التي ترسخت بدماء ابنائه الشهداء الأوفياء نسأل الله أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يجازيهم خير الجزاء.

أيها الأخوة الحاضرون :

لست بحاجة إلى شرح ماعاناة شعبنا طوال فترة الأزمة ومراحلها ولست بحاجة إلى إستعراض ماقام به هذا المجلس من جهود مخلصة لإحتوائها والحيلولة دون تطورها ومنع إنفجارها وما واجهته تلك الجهود من عناد شرذمة الإنفصال ورفض كل الحلول حتى فجروا الحرب الشاملة في الرابع من مايو الماضي ثم أعلنوا الإنفصال في صبيحة يوم 21مايو منتهكين بذلك العمل الخياني كل الثوابت الوطنية والقواعد والأعراف الدستورية ومتنكرين لإرادة الشعب اليمني ومصرين على إستمرار الحرب وخرق إعلانات وقف إطلاق النار حتى أذن الله بإنتصار الوحدة والشرعية.

ولقد جاءت تلك الحرب المفروضة لتؤكد من جديد أصالة هذا الشعب وعمق إيمانه وتمسكه بوحدته وإستعداده للتضحية من أجلها بكل مايملك ولتظهر مدى الروابط التي تجمع بين أبناء اليمن في كل مكان ولتسقط كل رهانات ودعايات وأباطيل دعاة الفرقة والتمزق ، حيث التف هذا الشعب من صعدة إلى المهرة حول قيادته وجيشه في تلاحم لم يسبق له مثيل فكان ذلك التلاحم رداً عملياً على كل المزايدين والمرجفين والإنفصاليين والطائفيين وما تلك القوافل الشعبية التي إنطلقت من مختلف المحافظات لدعم ومساعدة إخوتنا في المحافظات المتضررة إلا صورة من صور التلاحم والترابط بين أبناء اليمن في كل مكان .

أيها الأخوة الحاضرون :

لقد أراد شعبنا أن تكون إنتخابات السابع والعشرين من إبريل 93م بداية جادة لتصحيح كل أخطاء الماضي ومعالجة كل السلبيات وتجاوزها والإنطلاق نحو آفاق البناء والتغيير وإقامة دولة المؤسسات والإلتزام بالقوانين والأنظمة وتحقيق العدل والمساواة والأمن والإستقرار لينعم أبناء شعبنا بخيرات أرضهم وثرواتهم ولتحتل بلادنا المكانة التي تستحقها بين الأمم .

لقد كان شعبنا يطمح إلى تحقيق ذلك لكن شرذمة الإنفصاليين المتمردين الذين لايريدون لهذا الشعب الخير والإستقرار قد عملوا على إحباط أي خطوة في ذلك الطريق وافتعلوا الأزمات المتتالية ووضعوا العراقيل الكثيرة أمام تلك الطموحات حتى إنتهى بهم الأمر إلى التمرد على الشرعية الدستورية والتنكر لإرادة الشعب ونتائج الإنتخابات وأرادوا أن يفرغوا العملية الديمقراطية من محتواها الصحيح وأن يجعلوها مجرد مزايدة سياسية لخداع البسطاء ودغدغة العواطف ، أما أن يتقبلوا نتائجها ويسلموا بإرادة الشعب فذلك ما لم يستطيعوا القبول به فسقطوا في أول إمتحان للديمقراطية التي طالما زايدوا بها وأصموا أذاننا بالحديث عنها وكأنهم يريدون ديمقراطية (تفصيل) على مقاسهم ، فإن كانت لصالحهم قبلوا بها وإن جاءت غير ذلك رفضوها وانقلبوا عليها وهذا هو ما حدث عندما وجد البعض منهم أن نتائج الإنتخابات لن تمكنهم من تنفيذ مخططاتهم فافتعلوا الأزمة واستمروا في تصعيدها حتى اصيبت أجهزة الدولة بالشلل وتوقفت عملية التنمية فتعطلت مصالح الشعب وزادت المعاناة في كل مجال ، حتى هذا المجلس لم يسلم من أثار تلك الأزمة فلم يتمكن من ممارسة مهامه وإختصاصاته على الوجه الأكمل وبقينا نحاول الحفاظ على وحدته وتماسكه ونجحنا في ذلك ولله الحمد حتى بعد إنفجار الموقف عسكرياً.

أيها الحاضرون :

إننا اليوم وبعد أن إنتهت حالة التمرد بحمد الله وفضله فإننا مطالبون بأن نبدأ مرحلة جديدة من العمل الجاد بإتجاه معالجة سلبيات الماضي وأن نشمر عن ساعد الجد لبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات على أسس علمية بعيداً عن المزايدات والمكايدات وأن نوجه جهودنا جميعاً للبناء والإصلاح حتى نتمكن من تجاوز مخلفات الماضي وأثار الحرب وأن ننهض ببلادنا صوب آفاق المستقبل الواعد بالخير .

وعلينا أن نسرع في معالجة الأوضاع الداخلية بشكل عام وأن نعمل على تصحيح وإصلاح مسار علاقاتنا الخارجية وخاصة مع الأشقاء في دول الجوار وتحسين وتطوير علاقاتنا بهم وببقية الدول الشقيقة والصديقة.

إن ماحدث من تمرد على الشرعية والديمقراطية لن يزيدنا إلا تصميماً على التمسك بالنهج السياسي الديمقراطي الذي ارتضاه شعبنا وأن نعمل على ترسيخ الديمقراطية الشوروية الحقة القائمة على التعددية السياسية الحزبية والتداول السلمي للسلطة .

وإننا مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يكون عملنا في هذا المجلس ملتزماً بالقواعد والأعراف الديمقراطية ووفق النصوص الدستورية والقانونية وأن نمارس دورنا في التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية والوقوف بحزم ضد كل الأخطاء والممارسات الخاطئة من أي مستوى من مستويات السلطة .

كما أننا بحاجة إلى أن نتعاون مع السلطة التنفيذية من أجل تحريك عملية التنمية في البلاد والحزم في مواجهة الفساد المالي والإداري والأمني وإصلاح الأوضاع الإقتصادية ورفع المعاناة عن الشعب الذي عمل الكثير في الفترة الماضية وترسيخ الأمن والاستقرار وإعادة بناء القوات المسلحة بناءً وطنياً وعلمياً صحيحاً ، فذلك هو الضمان الحقيقي لحماية الوحدة من الهزات والمؤامرات ، وهو أقل ما يجب علينا القيام به وفاء للشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم من أجل الوحدة ورسخوها بالدماء الزكية الطاهرة .

في الختام .. نسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp