كلمة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر إلى المؤتمر الثالث لإتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دكار 7-10 مارس2004م

كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر

رئيس مجلس النواب اليمني

إلى المؤتمر الثالث لإتحاد مجالس الدول الأعضاء

في منظمة المؤتمر الإسلامي

المنعقد في دكار خلال الفترة من 7-10/مارس/2004م

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السيد/ رئيس المؤتمر الثالث لإتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ورئيس المجلس الوطني السنغالي الشقيق.

السادة / نواب الرئيس .

السادة / رؤوساء البرلمانات العربية والإسلامية المشاركة .

السادة / رؤوساء الوفود البرلمانية المشاركة .

الحاضرون الأعزاء .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بإسم مجلس النواب اليمني أتقدم بجزيل الشكر والإمتنان للشعبة البرلمانية في جمهورية السنغال التي إستضافت  هذا التجمع البرلماني ، كما أشكر الأمانة العامة وسكرتارية الإتحاد على ما بذلوه من جهود في سبيل الإعداد والترتيب لهذا المؤتمر في دورته الثالثة وكذا الدورة السادسة لمجلس الإتحاد أملاً أن نخرج من هذا الملتقى البرلماني الذي يمثل شعوب الأمة العربية الإسلامية بالقرارات والتوصيات التي من شأنها رفد العمل الجماعي بين أقطارنا وتقوية روابط الأخوة وتنمية المصالح المشتركة بين الجميع بما يعود بالخير والنفع الكبير على الأمة العربية الإسلامية .. سائلاً المولى القدير أن لا تكون لقاءاتنا أو إجتماعاتنا لمجرد إسقاط الواجب والإكتفاء بالبيانات الضعيفة التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع ولا تحرك الضمائر النائمة أو النفوس المستبدة التي تتصرف اليوم في قضايا النزاع في العالم بصورة غير أخلاقية لا تحترم قانوناً ولا ترعى مصالحه ولا تنصاع لأي منطق غير الإستقواء بالقوة وإلغاء الآخرين .

الحاضرون الأعزاء :

إننا اليوم كعالم إسلامي مهدد في وجوده مهدد في حضارته وعقيدته نملك الكثير من مقومات التوحد والبقاء والمواجهة لكننا منقسمون على أنفسنا بصـورة معيبة ، الأمر الذي أطمع فينا الأعداء وجعلهم ينظرون إلينا بما نملك من خيرات عديدة غير جديرين بها وأنهم هم الأجدر بها وهم الأقدر على الإستفادة من خيرات العالم الإسلامي ورغم كثرة المؤامرات وإشعال الفتن في أجزاء عديدة من جسد الأمة العربية إلا أن الأمر مستدرك ولا تزال الأمة المسلمة قادرة على تجاوز هذه المحن والخروج منتصرة في كل المعارك المفتعلة في طريقها وذلك بما لديها من عوامل قوة طبيعية كالأرض والإنسان وروابط دينية تجمعها على كلمة سواء والتي على رأسها العقيدة الواحدة واللغة الجامعة والحضارة ذات الخصائص المشتركة ، وإننا كبرلمانات عربية وإسلامية نمثل صفوة مجتمعاتنا يجمعنا هذا الإطار القانوني يجب علينا العمل من أجل تحقيق أهداف أمتنا وتلبية آمال وتطلعات شعوبنا المحبة للوحدة والخير والتعاون والسلام ، ومن هذا المنطلق لا بد من تحمل مسئولياتنا وإحداث التغييرات المنشودة في إطار أهداف الإتحاد التي أتفقنا عليها جميعاً في المؤتمر التأسيسي للإتحاد الذي عقد في طهران في يونيو 1999م ، وأن أول واجب ينبغي مراجعته هو أن نسأل أنفسنا ماذا عملنا خلال خمس سنوات من مسيرة إتحادنا المبارك على مستوى أقطارنا وما هي إنعكاسات أهداف الإتحاد على مجمل الطموحات والأهداف التي تتطلع إليها أمتنا فهذه قضية هامة تحتم علينا المسئولية والأمانة ومراجعتها وتمحيصها حتى نعرف ماذا تحقق وما الواجب عمله لتحقيق ما لم نستطيع الوصول إليه .

الأخوة الحاضرون :

إننا ومن خلال الإطلاع على مشروع جدول الأعمال نؤكد على أهمية القضايا المطروحة أمامنا وهي قضايا جوهرية تهم كل مسلم ويأتي في مقدمة تلك القضية الفلسطينية والقدس الشريف حيث خطط الأعداء الماكرون بمختلف إتجاهاتهم وعلى رأسهم الصهيونية العالمية منذ ما يزيد على مائة عام لإفتراس فلسطين وقبلة المسلمين الأولى ونفذوا مخططهم الإجرامي من خلال غرسهم خنجراً مسموماً في خاصرة الأمة إسمه إسرائيل عام 1948م ومنذ ذلك التاريخ ونحن نعاني من هذه الجريمة النكراء ويدفع الشعب الفلسطيني المجاهد كل يوم الثمن في مواجهات دامية وإعتداءات وحشية لم يُستثنى منها الأطفال ولا العجائز ولا الشيوخ وتقف وراء إسرائيل الإرهابية المجرمة دولة عظمى هي أمريكا التي تدعي أنها راعية السلام وهي في الحقيقة راعية لإرهاب إسرائيل تمولها بالمال والسلاح وتمدها بكل مقومات البقاء والمواجهة بل وتسمي المدافعين عن أرضهم وعرضهم إرهابيين وتعتبر أن من يستخدم الطيران الحربي لقصف القرى والمدن ويستهدف المدنيين تعتبره مدافعاً عن وجوده مبراءً من كل جريمة في منطق غوغائي أحمق يعكس حجم التعصب الأعمى والحقد الدفين على الإسلام والمسلمين والحقيقة أن هذا الطغيان لن يزيدنا إلا تمسكاً بحق الشعب الفلسطيني في الإنعتاق من الإحتلال المستبد وقيام الدولة الفلسطينية الحرة الأبية وعاصمتها القدس الشريف ، وكذا حق سوريا ولبنان في إستعادة أراضيهما ، وإن من واجبنا كبرلمانات ضمان إستمرار الدعم المادي للشعب الفلسطيني من خلال سن التشريعات التي تفتح السبل والمجالات أمام تدفق الدعم المالي بكل أشكاله حتى يستمر الشعب الفلسطيني في مقاومته الباسلة وأن لا نلتفت للمحاولات الرامية إلى تجريم هذا الدعم وإعتباره دعماً للإرهاب فذلك زعم باطل يدعمه التعصب وإنني بهذه المناسبة أدعو المؤتمر إلى ضرورة تضمين البيان الختامي لهذه الدورة دعوة البرلمانات الإسلامية إلى إتخاذ الإجراءات الكفيلة بتخصيص جزءاً ولو يسيراً من ميزانيات بلدانها لصالح الإنتفاضة الفلسطينية المباركة لضمان إستمرايتها فهي الكفيلة بهزيمة الصهيونية ومن يقف معها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة فالدعم الذي تحصل عليه إسرائيل من المؤسسات اليهودية العالمية ومن الولايات المتحدة الأمريكية لا يخفى على الجميع ، كما أن بذل الجهود المختلفة لنصرة الشعب العراقي وتأكيد حقه في إنهاء الإحتلال وكذلك حقه في إختيار نطام حكمه هو من المطالب العادلة التي ينبغي علينا العمل من أجل تحقيقها سواء من خلال العمل المشترك في المحافل الدولية أو من خلال العلاقات الثنائية التي تربط بين كل من بلداننا والبلدان الصديقة المحبة للعدل والسلام والتي ليس لها أطماع في خيراتنا ومن المهم دعم الجهود الرامية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمة ذلك إسرائيل التي تمتلك ترسانة نووية كبيرة تتغاضى عنها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ويطالبون العرب بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل التي ليس لها وجود أصلاً كما حصل في العراق الذي تم إستباحة سيادته وإستقلاله وكرامته بحجة وجود أسلحة دمار شامل لديه وما وجدنا أثراً لهذه الأسلحة منذ سقوط بغداد المهين للعرب والمسلمين ومن المؤسف أن يصمت الضمير الإنساني ويسكت المجتمع الدولي ولا يطالب بمحاسبة الكاذبين على الإنسانية والتاريخ .

السيد/ رئيس المؤتمر :

السادة الحاضرون :

منذ أن جرت الأحداث المؤسفة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م والعالم يشهد تحولات كبيرة متسارعة تعمل مجتمعة ضد الإسلام والمسلمين فمن أفغانستان إلى العراق إلى فلسطين إلى المناهج التعليمية في البلدان الإسلامية إلى المؤسسات الخيرية العاملة إلى مراكز العلم والجامعات الإسلامية إلى فرض التغييرات على الدول بالقوة كل ذلك تحت مظلة ومحاربة الإرهاب في ربط ظالم وجائر بين الإرهاب والإسلام ومن هنا تأتي أهمية توحيد الصفوف والتنبه لهذا الهجوم المعادي للإسلام تحت مزاعم كاذبة هدفها الحقيقي إزاحة الإسلام عن الطريق وطمس حضارتنا المشرقة وإفساح المجال أمام الحضارة الغربية بكل مقوماتها وقيمها المادية المرتكزة على إشباع الحاجات الفطرية للفرد وكسر كل الحواجز أمامها بعيداً عن الجانب الروحي وهكذا يتساوى الحيوان والإنسان ، ولهذا فإن دورنا كبرلمانات ممثلة للشعوب محوري للغاية في ظل هذه التحولات الخطيرة وذلك من خلال التوعية الجماهيرية بمخاطر الأوضاع وكشف المخططات الظاهرة والباطنة المعادية للإسلام بل والعمل على مد المزيد من جسور التعاون فيما بين بلداننا وتوحيد مواقفنا إزاء الكثير من التحديات وفي نفس الوقت العمل على سن التشريعات التي تحفظ لنا خصوصيتنا وهويتنا الإسلامية وتفتح الآفاق أمام العمل الخيري والتكافل الإجتماعي وحق المسلم على المسلم في إطار المفهوم الإسلامي الصحيح لهذه الواجبات التي فرضها الله علينا ويرغب أعداء الإسلام اليوم في تعطيلها ونفسها من الأساس ، أما على صعيد هذا المؤتمر فلا بد وقد قطعنا هذه المسافات الشاسعة لحضوره من الخروج بإتفاق حول مصطلح الإرهاب وتحديد مفهومه بما يضمن الفصل الواضح بين الحق في مقاومة الإحتلال وتجريم الإحتلال وعدم الربط بين الإرهاب والإسلام وهذا واجبنا نحن كمسلمين قبل أن نذهب للأمم المتحدة نستجدي منها تعريف الإرهاب وهي مؤسسة دولية واقعة تحت تأثير الأقوياء فقط ، وإن مما يجب التأكيد عليه هو إلزام مؤسساتنا الإعلامية بما سوف نتفق عليه من تعريف منصف لهذا المصطلح المطاط وأن لا تكون هذه المؤسسات أبواقاً تردد بدون وعي ما يقوله الإعلام الغربي المعادي الذي يوصمنا بالإرهاب ويتغافل عن الإرهاب الصهيوني الذي تمارسه إسرائيل كل يوم على أخوتنا في فلسطين ويغض طرفه عن الدمار والخراب والقتل والتنكيل الذي يتعرض له الشعب العراقي تحت نيران الإحتلال الأمريكي لأراضيه بل والمحاولات اليائسة لإشعال نار الفتنة والطائفية فيه وإلصاق هذه الممارسات الإجرامية بطائفة من المسلمين لضرب الشعب العراقي ببعضه وضمان إستغلال خيراته ونهب ثرواتـه فنحن لا نجد عراقياً مهما كانت ملَّته مستفيداً مما يجري الآن سـوى المحتلين أولاً وإسرائيـل الخائفة على أمنها ثانياً .

السيد/ رئيس المؤتمر :

الحاضرون الأعزاء :

إن إقامة الحوار بيننا وبين الغرب هو ضرورة تقتضيها الظروف ومصلحة الإسلام الذي يدعو إلى الحوار والتعايش بين الأمم ونحن نقف مع كل الجهود الرامية إلى إقامة هذا الحوار ليس مع البرلمانيين فقط وإنما مع كل الفعاليات وأصحاب الفكر والرأي وكل مراكز التأثير في المجتمع الغربي فالحوار كفيل بكسر الحواجز وإيضاح الحقائق ودحض الشبهات والأباطيل ، أما نحن في البرلمانات فنستطيع عمل الكثير في هذا الإتجاه من خلال التجمعات الحوارية البرلمانية القائمة بيننا والمجموعة الأوروبية وكذا جمعيات الصداقة البرلمانية الثنائية بين بلداننا وأوروبا والغرب كله والإتحاد البرلماني الدولي وأنا على ثقة أن الحوار يقود إلى التفاهم والتعارف وينمي المصالح المشتركة ويخدم أهداف أمتنا ويعرِّف الآخرين بعدالة قضيتنا الأساسية وهي القضية الفلسطينية وكل قضايا العالم الإسلامي المتطلع إلى السلام العادل وإلى التقدم والتنمية.

الحاضرون الأكارم :

إن طوفان العولمة والتجارة الحرة يجتاحان عالمنا اليوم بقوة وتفرض العولمة بالذات على الآخرين تصوراتها وحلولها للأوضاع الإقتصادية في العالم وفق ما تتضمنه العولمة من مفاهيم ليبرالية تصطدم مع الكثير من قيمنا وأخلاقنا كعالم إسلامي له موروث حضاري عظيم ومن هذا المنطلق فإننا نعلن حاجة الإنسانية جمعاء الغني فيهم والفقير القوي فيهم والضعيف إلى الإشتراك المتكافئ في رسم معالم هذا التصور الجديد لإدارة العالم فليس من العدل أن يترك أمر العولمة للأقوياء فقط لأنهم أقوياء وليس من العدل أن يتم تجاوز الفقراء لأنهم فقراء فموضوع العولمة والتجارة الحرة يمس الجميع دون إستثناء .

في الختام :

أتمنى أن نخرج بالقرارات الصائبة والقوية التي تنعكس إيجابياً على مجمل أوضاعنا وتعزز التلاحم والتآلف فيما بيننا حتى نستطيع الوقوف جميعاً أمام ما يهدد وجودنا ويسعى إلى النيل من حضارتنا فنحن أعزة مكرمون طالما اعتزينا بديننا وقيمنا ونحن أذلة مقهورين أكثر مما نحن عليه الآن إذا ابتغينا العزة بغير دين الله وليس لنا خيار ثالث ، ولا ننسى القضية الفلسطينية وبذل الجهد الصادق والمخلص والأمين من أجلها نصرة للحق ووقوفاً ضد الظالمين فهي المعيار الحقيقي لجديتنا وصدقنا مع أنفسنا وشعوبنا حكاماً ومحكومين وإن كنا نحمل الحكام العرب المسئولية فيما وصلت إليه الأوضاع في المنطقة العربية والتردي الذي نعيشه وهذا بالطبع لا يعفي الآخرين من المسئولية أمام الله والتاريخ وأملنا في الله كثير وفي شعوبنا وإن مع العسر يسرا .

أشكر الجميع على حسن الإستماع وأكرر الشكر للشعبة البرلمانية السنغالية الشقيقة التي وفرت كل الإمكانات من أجل نجاح هذا الملتقى البرلماني الإسلامي متمنياً للجميع التوفيق والسداد .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp