كلمة الشيخ/عبد الله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها بتاريخ:27/4/1995م في صنعاء بمناسبة الذكرى الثانية للإنتخابات النيابية الأولى.


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين ..

الأخوة الأعضاء:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

ها نحن اليوم نعيش الذكرى الثانية لإجراء أول إنتخابات عامة في بلادنا بعد إعادة توحيدها،وها هو الشعب اليمني يحتفل بهذه المناسبة  وقد مضى على مجلسكم هذا عامان تقريباً أي نصف المدة الدستورية للمجلس الذي يعلق عليه أبناء الشعب آمالاً كبيرة ويتطلعون إلى الدور الذي ينبغي أن ينهض به باعتباره ممثلاً للأمة ومعبراً عن آمالها وتطلعاتها ..

إن الإحتفاء بهذه المناسبة له مايبرره ،ففي مثل هذا اليوم من عام 93م توجه الناخبون لإنتخاب ممثليهم في هذا المجلس الذي يعتبر أول مجلس منتخب بعد قيام دولة الوحدة حيث وضعت اللبنة الأولى في صرح الديمقراطية الشوروية في العصر الحديث لتجديد الحياة الشوروية التي عرف بها شعب اليمن عبر مراحل مختلفة من تاريخه القديم والمعاصر .

في مثل هذا اليوم عندما توجه الناخبون إلى صناديق الإقتراع كان دافعهم الأقوى لممارسة حقهم الإنتخابي هو رغبتهم في إنها الفترة الإنتقالية بكل  ما رافقها من سلبيات والإنتقال إلى الشرعية الدستورية بكل ما تعنيه من إقامة لدولة العدل والنظام والقانون وبناء دولة المؤسسات وتحقيق الأمن والإستقرار والإنطلاق نحو آفاق التنمية في مجالاتها الرحبة وتوجيه الطاقات والإمكانات لبناء غدٍ مشرق وإقامة مجتمع تسوده قيم الحق والخير والعدل والمساواة والحرية والشورى ويهتدي بأحكام الإسلام وشريعته ويستفيد من كل ما وهبه الله من ثروات وما توصلت إليه الإنسانية من وسائل البناء والنهوض والرقي والمعرفة وإيجابيات الحضارة الحديثة .

لقد كان هذا هو ما يتطلع إليه أبناء الشعب ويعقد الآمال على ممثليه في هذا المجلس للوصول إليه وتحقيقه ،ولقد كانت تلك أيضاً تطلعات القوى السياسية الفاعلة في المجتمع والتي دخلت التنافس الإنتخابي وخاضت  المعركة الإنتخابية يوم 27/إبريل/93م التي شهد لها الكثيرون بأنها كانت نزيهة إلى حد كبير .

ولقد جئنا إلى هذا المجلس ونحن نحمل هذه الروح ونستشعر هذه التطلعات والآمال التي يعقدها علينا أبناء اليمن الواحد الذين منحونا ثقتهم وانتخبونا ممثلين لهم وحملونا أمانة التعبير عن همومهم وآمالهم تحدونا الرغبة في القيام بالمسئولية التي ندبنا أنفسنا لأدائها والعزم الأكيد على أن نكون عند حسن ظن أبناء الشعب   .

لكن الذين ينظرون إلى الأمور من منظار ضيق وعبر مصالحهم الخاصة فقط ولا يستشعرون واجبهم ومسئولياتهم الوطنية ومصالح الشعب العليا كانوا قد بيتوا وأعدوا أنفسهم منذ أن أعلنت نتائج الإنتخابات ووضعوا مخططهم لإحباط هذا المجلس وشل وتعطيل حركة الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها ،وجروا البلاد إلى نفق أكثر ظلاماً من الفترة الإنتقالية التي تعمدوا فيها عدم إنجاز المهام الأساسية لبناء دولة الوحدة بل ووضعوا العراقيل الكبيرة أمام عملية بناء حقيقي للدولة وحملوا البلاد أعباء كبيرة جداً تثقل كاهلها وتعرقل مسيرة البناء أعواماً عديدة وتستنزف خيراتها لسنوات طويلة ..

وبالفعل فإن أولئك الحاقدين على الشعب اليمني والذين أذاقوا أبناءه في جزء منه ألوان القهر والعذاب أكثر من ربع قرن من الزمان قد وجهوا كل جهدهم لتنفيذ مخططهم الذي يستهدف الديمقراطية الشوروية بالدرجة الأولى،ووأد التجربة في مهدها وعملوا كل ما كان بمقدورهم أن يعملوه لإحباط وعرقلة وإفشال هذا المجلس والالتفاف على صلاحياته بل وسحبها منه وإنهاء دوره متخذين أساليب متعددة وطرقاً متنوعة للوصول إلى ما يهدفون فمن التحايل على النصوص الدستورية إلى محاولة تعطيل عمل المجلس وشق وحدته إلى جر البلاد كلها إلى أزمة سياسية طويلة المدى إلى الإعلان الصريح بعدم القبول بالأغلبية العددية التي تعتبر عمود العملية الديمقراطية إلى إخراج الأزمة من إطار المؤسسات الدستورية إلى محاولة خلق بديل للمجلس وإنهاء دوره إلى غير ذلك من الأساليب الملتوية التي تمكنا بحمد الله من إحباطها كلها وتفويت الفرصة عليهم في كل مرة ،فكشفوا عن حقيقة مبادئهم المزيفة ودعواهم المضللة وانحسر القناع عن وجوههم وجعلوا من يوم 27/إبريل /1994م الذكرى الأولى للإنتخابات العامة في البلاد جعلوا منها ساعة الصفر لتفجير الموقف العسكري وإشعال الفتنة والحرب في البلاد التي أرادوا منها تدمير هذا الشعب وإمكاناته والقضاء على وحدته والعودة إلى التشطير ولكن الله أراد منها أن تكون دماراً عليهم وعبرة لمن كان لديه إستعداد للإعتبار والإستفادة من الدروس والتجارب وبهذا فإن هذا اليوم يمثل في تاريخنا المعاصر محطة جديرة بالتوقف والتأمل فيها ففيه أجريت أول إنتخابات ديمقراطية في اليمن الواحد وفيه سقطت مؤامرة أعداء الشورى والديمقراطية أعداء الوحدة والأمن والإستقرار في اليمن الواحد ،فنحمد الله الذي أزال عن بلادنا ذلك الكابوس وحقق لشعبنا رسوخ وحدته وإنتصارها.

الأخوة نواب الشعب :

لقد مرت بلادنا طوال الفترة الماضية بما مرت به من الأزمة والحرب وقد نتج عنها من الآثار ما أثقل كاهل البلاد وضاعف من الأعباء، وأنعكس ذلك على أداء مؤسسات الدولة وأجهزتها وأوضاعها الإقتصادية والمالية والإدارية وكل مناحي الحياة ..

ولقد كان من الطبيعي أن يتأثر مجلس النواب بكل ذلك وأن يتعثر أداؤه خلال السنتين الماضيتين رغم أنه حقق الكثير من الأعمال التشريعية  وأنجز في ظل تلك الظروف إنجازات مهمة واستطاع أن يقوم بدور رائد في الحفاظ على وحدته كمؤسسة يمنية موحدة وأن يكون له دور كبير في الحفاظ على وحدة البلاد والدفاع عنها بمختلف الوسائل وفي كل الميادين ، لكننا مع ذلك نشعر بأن المجلس لم يقم حتى اليوم بالدور الذي يتطلع إليه أبناء الشعب ويأملونه منه..

ونحن عندما نقول بأن المجلس لم يقم بالدور المناط به كما يجب عليه نتيجة الظروف والمصاعب التي عاشتها البلاد وأثرت على كل مؤسسات الدولة فإن ذلك يجعلنا صادقين مع من منحونا أصواتهم لنكون ممثلين لهم في هذا المجلس ، كما أن ذلك يدفعنا إلى أن نستشعر مسئوليتنا أمام الله أولاً ثم أمام إخواننا الناخبين لنعقد العزم من جديد على أن ننهض بواجباتنا وأن نؤدي الأمانة فيما تبقى من مدة هذا المجلس وأن نضاعف الجهد لإنجاز المهام المناطة بنا حتى ننال رضا الله واحترام وتقدير شعبنا ..

وإن من الأولويات التي ينبغي أن نركز عليها جهدنا وعملنا في الفترة القادمة ممارسة الدور الرقابي للمجلس وتفعيل دور لجان المجلس في الرقابة على أداء الأجهزة التنفيذية ومتابعة مدى التزام الحكومة في تنفيذ برنامجها المقدم إلى المجلس وما نفذ منه وكذا تنفيذها لبرنامج الإصلاحات الإقتصادية والإدارية والمالية ومحاربة الفساد والمفسدين وإيقاف العبث بالمال العام والعابثين به ومحاسبتهم ومراقبة مدى الإلتزام بالقوانين وتنفيذها فلا يكفي أن نضع القوانين أو نقرها ثم لا نتابع السلطة التنفيذية هل تنفذها أم لا ، هذا إذا كنا جادين في بناء الدولة التي تقوم على العدل والحرية والمساواة والتنمية والتطوير ، وإذا كنا صادقين في تصحيح الأوضاع وإصلاح مسار الإقتصاد الوطني وحماية العملة الوطنية والمال العام وصولاً إلى تحسين الحالة المعيشية للشعب وتخفيف معاناة المواطنين ..

الأخوة أعضاء المجلس :

إن المرحلة صعبة ودقيقة وتستدعي تضافر جهود الجميع وتعاون كل المخلصين لإخراج البلاد من الحالة التي وصلت إليها ..

وإن التعاون والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أمر لابد منه وعلينا أن نعمل بروح  الفريق الواحد وأن نجعل هدفنا جميعاً إصلاح الأوضاع وإيقاف التدهور والحد من تصاعد الأسعار والعمل على تحسين أحوال المواطنين ..

ومن هذا المنطلق فإننا سنبدأ في إتخاذ إجراءات تقشفية لخفض نفقات المجلس ولنضرب المثل  ونكون القدوة لبقية السلطات ، ونأمل أن نتعاون جميعاً على تحقيق ذلك ..

وأخيراً.. أسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحبه و يرضاه وأن يعيننا على أداء الأمانة والقيام بالمسؤولية وخدمة بلادنا وأمتنا والسير في الطريق المستقيم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..،،

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp