علو في الحياة وفي المماتِ *محمد سالم باسندوة

  نقلا عن صحيفة الصحوة    

 المغفور له بإذن الله تعالى المجاهد الكبير الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر غني عن التعريف، ذلك لأنه أشهر من نار على علم.

اكتسب مكانته الاجتماعية من كونه سليل أسرة عريقة ظلت تتوارث منذ قرون وحتى اليوم، سدة المشيخ على رأس قبيلة حاشد القوية فيما استمرت منزلته المرموقة والمهمة في الحياة السياسية من أدواره الريادية خلال المراحل السابقة ابتداء من قيام ثورة سبتمبر وحتى وفاته قبل عامين.

 

إذ كان قد اضطلع مع قبيلة حاشد بأهم الأدوار في الدفاع عن الثورة، والذود عن النظام الجمهوري طيلة سني الحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين.. وغير مرة سمعت شيخ الثوار والمناضلين القاضي عبدالسلام صبرة يقول: «لولا مواقف وأدوار الشيخ عبدالله لما انتصرت الثورة والنظام الجمهوري».

 

وشهادة كهذه لا تعني بالضرورة التقليل أو الانتقاص من مواقف وأدوار الآخرين، لكن القصد منها كان إعطاء الرجل حقه من الإنصاف كأقل ما يقتضيه الوفاء.

 

ومنذ قيام الثورة وحتى رحيله ظل الفقيد الكبير رقماً مهماً للغاية على الساحة الوطنية حتى في الفترات التي لم يكن يتبوأ فيها أي منصب كبير، لدرجة أنه كان يعتبر أقوى شخصية بعد رئيس الدولة.. ويحمد له أنه لم يطمع في تسنم كرسي الحكم، بالرغم من أنه كان أمامه أكثر من فرصة، لكن ما من شك في أنه كان لرأيه وموقفه أهمية بالغة ودور كبير في وصول أكثر من رئيس سابق في الشمال إلى قمة السلطة.

 

وبالرغم من أن الحكم الإمامي قام بإعدام والده الشيخ حسين بن ناصر بن مبخوت، وكذلك شقيقه الشيخ حميد بن حسين الأحمر بينما كان هو لا يزال شاباً صغير السن، فإنه هو الآخر لم يفلت من العقاب، إذ تعرض للإعتقال كرهينة لفترة من الزمن في قبضة جلاوزة ذلك النظام.. ولكن استشهاد أبيه وشقيقه، واحتجازه كرهينة لم يفت في عضده، وإنما زاد من صلابته، وإصراره على مقاومة الحكم الإمامي.

 

ومثلما عاش حياته ملء السمع والبصر، فإن ذكراه ستبقى خالدة في تاريخ اليمن.. إذ أنى لزعيم في حجمه، ومكانته، وعطائه، وتضحياته أن يعفو على اسمه الزمن؟

 

حقاً أن فقده كان خسارة كبيرة لا للوطن فحسب، وإنما كذلك للنظام الحاكم الذي خسر برحيله أهم شخصية كانت تسهم في احتواء المشاكل، وحل الخلافات بينه وبين الآخرين من معارضيه.. لذلك فإن موته جاء في وقت أحوج ما يكون فيه الوطن إلى حكمته، ورجاحة عقله، وقدرته على التأثير والتوفيق.

رحمه الله وأثابه بقدر ما قدم لبلاده، وأدخله فسيح جناته، ووقى شعبنا كل شر ومكروه.. إنه سميع مجيب.

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp