عام بعد رحيل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر * زيد الشامي

الصحوة نت 2/1/2008

انقضى عام منذ رحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر عن دنيانا ، ورغم أني أراه أمامي كلما دخلت منزله العامر في الحصبة ، وأجد صعوبة في تخيل غيابه ، فلا أنكر أن أنجاله -بمجموعهم - يحاولون جمع أشتات صفاته ، وما زالوا حريصين على إستمرار النظام الذي أتبعه والدهم في إدارة الشأن العام والخاص في حياتهم. فالمساعدون والمختصون كلٌ يؤدي عمله كما كان في حياة الشيخ وما زال المنزل مفتوحاً للزائرين ، ومنتدى الشيخ عبدالله متواصلاً ، ولجان الخير والمناصرة تعقد إجتماعاتها حسب المعتاد ، ومع كل ذلك فمكانة الشيخ وهيبته ، وقوة شخصيته ، وفراسته ، وطيب تعامله ، وخبرته الواسعة تظل صفات تفرد فيها ذلك الرجل الكبير ، العظيم ، المتواضع والصالح ، وأما الفراغ الذي تركه فظاهر للعيان ، تغمده الله بواسع رحمته.

لقد عاش فقيدنا لأمته أكثر منه لنفسه ، ومن يعرف برنامج حياته اليومية يجد أنه كان يقضي جُلَّ وقته في خدمة الناس والقضايا العامة صباحاً وعصراً وحتى ساعة متأخرة من الليل ، لا يهمل الأمور العامة ، ولا يخذل ملهوفاً ، ولا يرد طالباً للمساعدة ، ولا يتلكأ في نصرة مظلوم ، ولا يتردد في تبني قضايا أصحاب الحاجات ، وأجمل ما في جهده أنه كان لا يَملُّ ولا يتبرم من كثرة ما يعرض عليه ولا يضيق بتتالي ذوي المطالب ، بل صار ذلك جزءاً من حياته في ضعنه وإقامته ، وحضره وسفره ، في المحن والملمات كان الوجهاء والعقلاء يهرعون إليه يبحثون عن مخرج للأزمات ، وها نحن نُحسّ بالفراغ الكبير الذي تركه الشيخ عبدالله ، تمر بنا أحداث جسام لا يجد الناس مرجعاً يعودون إليه ، ويثقون بحكمته ، فثقله السياسي وماضيه وتاريخه كان يفرض لرأيه الإحترام ، وحتى حين لا يُسمع له فإن العامة والخاصة يشعرون بالإطمئنان ، ويقولون : إن الشيخ لن يسكت على الباطل ، ولن يقبل بالظلم ، وذلك - في حد ذاته - نوع من الأمن النفسي ، وعامل مساعد في الإستقرار.

نشعر اليوم بالحزن والألم لأن أصواتاً طائشة هي التي تملأ سماء حياتنا العامة ، ونبرات التطرف والإقصاء والإستحواذ هي التي تعزف لحن الحاضر ، وبرغم أن الشيخ عبدالله - رحمه الله - كان يؤكد لنا في سنواته الأخيرة أن نصائحه صارت لا تُسمع وأنه قد يمر عليه أكثر من شهر دون أن يكون بينه وبين رئيس الجمهورية أي إتصال ، ولعل الله اختاره قبل أن يرى الأسوأ ، ولعل الهجوم غير المؤدب الذي شنته عليه وسائل الإعلام الموتورة عام 2005م كان بمثابة مؤشر لسنوات عجاف تنتظر شعبنا اليمني ، ولا يعني هذا الإستسلام للأمر الواقع ، ورفع الراية البيضاء ، فالأقدار تدفع بالأقدار ، ومسيرة النضال ، ومحاربة الفساد لابد لها أن تستمر فتلك سنة الحياة ، وعلينا أن نتعلم من مسيرة الشيخ عبدالله الصبر والمصابرة وعدم اليأس لأن الفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا.

وضعف تواصل الشيخ عبدالله في سنواته الأخيرة مع السلطة وتحديداً مع رئيس الجمهورية لا تعني نهاية تلك العلاقة الشخصية ، أو أن الرئيس على عبدالله صالح قد قصر في أداء الواجب مع الشيخ في مرضه ، فالحق يقال أنه على الصعيد الشخصي ظل رئيس الجمهورية متابعاً لحالته المرضية ولم يتأخر لحظة عن السؤال عنه والإطمئنان على صحته ، وقام بزيارته إلى الرياض عند تدهور حالته الصحية ، وقدم كل التسهيلات التي يحتاجها ، وسخر طائرة رئاسية لخدمة الشيخ ونقل أسرته وأحبابه ، ثم نقل جثمانه من الرياض إلى صنعاء ، ثم القيام بواجب التشييع والعزاء وإستقبال وإكرام جميع المعزين الذين قدموا من مختلف دول العالم ، وذلك موقف وفاء ونبل يذكر للأخ رئيس الجمهورية ومع رجل عاش لوطنه ولأمته وكان لابد أن يودع بما يستحقه من تقدير وتوقير يليق بمكانته وعطائه - رحمه الله].

في أجواء الإضطراب وعدم الإستقرار وزيادة التذمر الشعبي من أداء السلطة ، نجد الحاجة لتذكر الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي ظل أحد أعمدة الإستقرار في اليمن خلال نصف قرن من الزمان ، تعايش مع بيت حميد الدين صبياً ، حاول نصحهم ، وبذل وسعه في منع تفاقم الأوضاع ، لكنه أراد أمراً وأراد الله غيره ، فتعجل الإمام أحمد في قتل أخيه حميد ووالده فكانت الثورة التي قلبت النظام رأساً على عقب ، وخرج اليمنيون من حكم ملكي فردي إلى نظام جمهوري يعطي دستوره للشعب حق المشاركة في السلطة والتداول السلمي عليها ، وحق العدالة والمساواة والحرية العامة.

لقد أصبح الشيخ عبدالله - على صغر سنه حينها - رأس حربة في وجه النظام الملكي ، وصاحب اليد الطولى في الدفاع عن الثورة والجمهورية ورعايتها وتجميع القبائل والأحرار لحمايتها وظل أبرز الحريصين على الأمن والإستقرار في البلاد.

ولابد هنا من تناول قضية مهمة في حياة الشيخ عبدالله وهي مسألة القبيلة وعلاقتها بالدولة ، فقد استطاع أن يحافظ على كيان القبيلة وصفاتها الحميدة وتأثيرها الإيجابي في الجانب السياسي ، وربما لم تشهد قبائل اليمن إجتماعها على رأس واحد كما حدث مع الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشائخ اليمن عن جدارة وإقتدار وثقة.

تمكن الشيخ عبدالله أن يدمج القبيلة في الدولة ويجعلها عنصراً إيجابياً ومكملاً لا متعارضاً مع أجهزة الدولة المختلفة ، وعندما تضعف السلطة لأي سبب فالقبيلة تحافظ على دماء الناس وأموالهم وأعراضهم ، وتبسط الأمن والإستقرار بين المواطنين ، وعندما تقوى الدولة وتقوم بواجباتها تنصرف القبيلة لمصالحها وقضاياها ، وأما حالات الإستثناء المتمثلة في الإختطاف والإعتداء فقد كانت محل إستنكار وإستهجان من الشيخ عبدالله ، وكثيراً ما يطالب السلطات القيام بواجبها في إقامة العدل والإنصاف ، ومنع إثارة الفتن ، وتشجيع الخارجين عن النظام والقوانين ، وإتخاذ الإجراءات الصارمة ضد العابثين بالأمن ، والمستهترين بحقوق الآخرين ، ويتعلق بهذا الأمر ما يحدث عندما يلجأ أحد المطلوبين أو المتهمين إلى الشيخ فإنه يحرص على توفير العدالة والأمن لكل من يصل إليه ، وقد يبذل جهداً لإقناع الأطراف المختلفة لكنه في كل الأحوال يسلم الشخص أو الأشخاص الذين استنجدوا به إلى السلطات المختلفة ويعمل لأن يأخذ القضاء مجراه أو ينجح في مساعي الصلح إن كان له مساغاً.

وقد كان حرص الشيخ عبدالله كبيراً في أن تصل الطرقات وخدمات الصحة والتعليم والمواصلات وغيرها إلى كل مناطق الجمهورية ، بما فيها المناطق القبلية ، بإعتبار أن المدَنِّية يمكن أن تمثل ثنائية منسجمة مع القبيلة ، ووسيلة حضارية للتطوير والتنوير ، ولهذا لم يكن لدى الشيخ أي تحسس ولا يجد غضاضة من تعلم أفراد القبائل ومشائخهم ، بل إنه يعمل على تشجيعهم وأن يأخذوا مواقعهم في مختلف مؤسسات الدولة كمواطنين ، وظل هؤلاء يبادلونه الإهتمام والتقدير ، والحق أنه مع إهتمامه بالشخصيات التي يعرفها وبأبنائهم فإنه كان يقف مع كل من لديه كفاءة أو طموح أو قدرة ، ومن أي مستوى إجتماعي ومن أي منطقة في الجمهورية.

لقد عانى الشيخ عبدالله من الظلم والإضطهاد والسجن ، وعاش رهينة في صباه ، لذلك كره الظلم والإستبداد وخاصمه ، وصار صاحب فلسفة في مقاومة الحكم الفردي ، كان يؤمن بالشورى والعمل الجماعي ، ولم يألو جهداً لإشراك الشعب وقياداته السياسية والإجتماعية والفكرية في الشأن العام ، وعمل على تقنين ذلك في الدستور ، وله في ذلك صولات وجولات ، وأما إجتهاده الذي خرج عن هذه القاعدة فهو النادر ، وكان محل نقد ومراجعة منه شخصياً ، كما حدث في تجميد مجلس الشورى وتعليق الدستور في نهاية حكم القاضي عبدالرحمن الإرياني رحمه الله ولم يتحرج في نقد ذلك التصرف مع أنه وجد نفسه أمام وضع وترتيب لم يكن بمقدوره وقفة أو الحيلولة دون وقوعه.

إنحاز الشيخ عبدالله منذ أيام نضاله الأولى للإسلام والعلماء والدعاة ، وارتبط بقيادة الحركة الإسلامية وظل وفياً معها ، ظهراً وسنداً للدعاة إلى الله ، فدعم الأستاذ محمد محمود الزبيري (أول أمين عام لحركة الإخوان المسلمين في اليمن) وكان إلى جانبه في مؤتمر عمران عام 1963م الذي كان من قراراته المطالبة بأن ينص في الدستور أن تكون الشريعة الإسلامية مصدر جميع القوانين ، وخلفه بعد إستشهاده في مؤتمر السلام بخمر عام 1965م.

وبعد خروج القوات المصرية من اليمن وقف الشيخ عبدالله مع العلماء والمصلحين ورجال التربية في ضرورة يمننة المناهج التعليمية وتصفيتها من كل الشوائب والشبهات ، وأن تعمل على تعميق الإنتماء والإلتزام بالإسلام في وقت كان الغزو الفكري والمدّ الإلحادي في ذروته أواخر الستينات.

وفي أجواء ساخنة وغير طبيعية تعرض المصحف الشريف للإهانة في مدينة تعز في عهد القاضي الإرياني ، وقد غضب الشيخ عبدالله لذلك وتحرك إلى تعز وكان له موقف قوي وحازم ولقد أجهش بالبكاء عندما رأى بنفسه فضاعة ما حدث.

كان الشيخ عبدالله دائم التشاور والتعاون مع قادة العمل الإسلامي ، يدعمهم مادياً ومعنوياً ، وعندما جاءت التعددية السياسية ، وجد نفسه في صف التجمع اليمني للإصلاح داعياً ومؤسساً ، وظل منزله مقراً للإجتماعات العامة للإصلاح مع صعوبة تكييف الوسط الذي يعيشه مع عمل منظم له قواعده ولوائحه ، ولقد تم إختياره رئيساً للإصلاح وظل كذلك حتى توفاه الله رحمه الله.

كان شديد التقدير والإحترام لذوي السابقة في الدعوة ينزلهم منازلهم ويستمع إلى أرائهم ويتحمس لما يطرحون ، ويحمل القضايا التي تهمهم إلى السلطة ولا سيما رئيس الجمهورية ، وكانت له مواقف مشهودة ورسائل ومذكرات عرض بعضها في مذكراته المنشورة ولا يزال هناك الكثير مما لم ينشر.

في القضايا المبدئية كان رحمه الله حازماً وقوياً ، وعندما يغضب يشيح بوجهه ويحمل عصاه ويقوم من مجلسه فتقوم الدنيا ولا تقعد ، وهو كذلك عندما يتطاول أحد على الإسلام أو مبادئه ، ورغم حرصه على المحافظة على مكانة المشائخ فإنه كان يغض الطرف بل ويشجع أي تصرف يقف في وجه من يتعدى الحدود أو يتنكر للقيم والأخلاق من أي شخصية.

أما دفاعه عن العلماء والدعاة فتلك صفة معروفة عنه ، وأتذكر عندما تعرض الشيخ عبدالمجيد الزنداني لمحاولة الإساءة والتهديد في ظل مماحكات سياسية بعد الوحدة قال كلمته المشهودة إذا وصلت قطرة ماء على ثوب الشيخ عبدالمجيد فسنسكبها دماء!! وكان ذلك التصريح كاف لإيقاف كل الزوبعة التي افتعلت.

وأجدها مناسبة لتوضيح موقف الشيخ عبدالله من الإنتخابات الرئاسية 2006م حيث رشح اللقاء المشترك الأستاذ فيصل بن شملان لمنصب رئيس الجمهورية ، وتمت مناقشة الموضوع في الهيئة العليا برئاسة الشيخ عبدالله وفي منزله بالحصبة - وكنت حاضراً تلك الجلسة - فأشاد بالأستاذ فيصل وأنثى عليه وأيد ترشيحه مع ما يمثله ذلك من صعوبة على من هو في مكانته وموقعه ، ثم سافر السعودية للعلاج ، وأستمر إحراجه من السلطة ليقول شيئاً في الإنتخابات الرئاسية فصرح أن مرشحه هو علي عبدالله صالح وأن للإصلاح والمشترك المرشح الذي يرونه ، ومع أنه لم يشارك في الإنتخابات وكان بالإمكان أن يأتي بطائرة خاصة يوم الإقتراع ويعود ، لكنه لم يفعل ، وهل كان يظن أحد أن نشاط أبنائه وحماسهم في حملة مرشح المشترك من غير موافقته ، وهل تربيتهم وإرتباطهم بوالدهم تسمح لهم أن يعملوا ما لا يريده ، وكنت قد اتصلت به قبل تزكية المرشحين في الإجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى ، وطلبت منه أن يحث أولاده الأعضاء في المجلسين على الحضور ، فقال قد أرسلت لكم (حميد ، ومذحج) وبعد الإنتخابات الرئاسية سمع نقداً لتصريحه وكان لا يرد على ذلك ، نقولها شهادة وإنصافاً له بعد موته ، رغم أنه كان يعلم أنه يستحيل في ظل الظروف القائمة أن يتم التغيير أو القبول بالطرق السلمية .

ومواقف الشيخ عبدالله في دعم المؤسسات الإسلامية كانت إحدى العلامات البارزة في حياته ، وكذلك الإشادة بكبار العلماء والدعاة من كل دول العالم الإسلامي والوقوف إلى جوارهم والتنسيق معهم في قضايا الإسلام والمسلمين ، ودعمه معلوم لمنظمة الدعوة الإسلامية ولحركة حماس ، ومؤسسة القدس الدولية الذي شغل نيابة رئاستها ، وكان كذلك مع الجهاد الأفغاني ، وجهاد البوسنة والهرسك وغيرها ، ومثلت قضية فلسطين والقدس أهم إهتماماته وفي زياراته الرسمية كان يسأل ويزور الأقليات الإسلامية.

ترأس الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر البرلمانات اليمنية بجدارة وإقتدار قبل التعددية وبعدها ، وعمل على أن يحتفظ البرلمان بهيبته وصلاحياته تشريعاً ورقابة ، وجعل لأعضاء المجلس من الحصانة والحقوق ما يمكنهم من أداء واجبهم دون خوف أو حاجة أو ضرورة أو رغبة أو رهبة.

كان - رحمه الله - يدرك معنى الأغلبية والأقلية ، ويؤكد أن أولئك لا يلغون حق هؤلاء ، ولا يترك مناسبة إلا ويؤكد على ذلك ، وظل أحد المدافعين عن الدستور والقانون ، وكلما اقتضى الحال تعديلاً للدستور فإنه لا يتساهل مطلقاً في حريات المواطنين وحقوقهم وعقيدتهم ، ويحرص على عدم الإنتقاص من سيادة الشعب وإستقلال البلاد ، وقد تحدث معي في ذلك في أخر تعديل على الدستور عام 2001م وقال بأن المواد المتعلقة بأمهات القضايا السيادية قد ربط تغييرها أو تعديلها بالإستفتاء الشعبي العام وليس بتصويت مجلس النواب.

حمل الشيخ عبدالله - رحمه الله - هموم أمته ، وهو في ذلك فارس لا يشق له غبار ، مواقفه مشهودة في كل المؤتمرات واللقاءات والتصريحات الصحفية ، وفي المحافل الدولية وكان أخرها كلمته في مؤتمر السنغال التي أعلن فيها دعمه الواضح للمقاومة الإسلامية وإستنكاره للتخاذل العربي والإسلامي ، وكان يواجه أولئك المتخاذلين بقوة وصراحة.

كان الفقيد الراحل صاحب علاقات واسعة مع الزعماء العرب والمسلمين وغيرهم من زعماء العالم ، وكان لا يتردد في محضهم النصحية ، ويشير عليهم بالرأي الحصيف ، سواءً عملوا بنصيحته أو أخذتهم العزة بالإثم ، وله في ذلك مواقف كثيرة أذكر منها نصيحته للرئيس محمد حسن مبارك رئيس جمهورية مصر في إحدى زياراته الرسمية للقاهرة عندما عرض عليه إنهاء حالة العداء والقطيعة مع جماعة الإخوان المسلمين وتوفير طاقات مصر الرسمية والشعبية للبناء والإعمار ، فلا يحسن أن يستمر ذلك العداء الذي لم تستفد منه مصر سوى ظهور حركات التطرف والعنف وإهدار الإمكانات وإستمرار دوامة الصراع.

ومن مواقفه المشهودة ما حدث مع الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة أثناء حرب صيف 1994م فقد حدثت بينهما مشادة إنتهت بفترة صمت وإعراض وكانت الملابسات قد جعلت الشيخ زايد يظهر تعاطفاً مع الإنفصاليين في ظرف لا يحتمل ذلك.

ومثلما عاش الشيخ عبدالله عظيماً ، فقد ظهرت عظمته في موته وتشييع جنازته التي كانت بمثابة إستفتاء شعبي واسع على نبل ذلك الرجل الكريم ومواقفه وحكمته ، كما تقاطر على اليمن قيادات سياسية وعلمية من أنحاء العالم العربي والإسلامي , وجاءت التعازي من كل أنحاء العالم لتعكس تلك المكانة التي تبوأها عن جدارة.

سيظل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر حبيباً إلى قلوبنا خالداً في ذاكرتنا ، والحديث عنه لا يكاد ينتهي حتى يبدأ ، ولقد جمعتني به أيام ومواقف حفرت في الذاكرة وما زلت أراه في المنام أكثر من مرة بقيافته ومظهره يتحدث ويوجه وينصح ، وأشعر أنه لا زال يعيش معنا بحميميته وأبوته ، بنظراته الثاقبة ، بإجاباته المسكتة ، بدعابته الهادفة ، بصرامته المعهودة ، بحبه للآخرين ، بصلاحه وخشوعه ، بشموخه وهدوئه ، لقد عاش لأمته فاستحق الجلوس على ناصية القلوب ، وسنظل نحيي معاني وقيماً من ماضيه نستلهم منها زاداً للمستقبل ، وندعو الله أن يرفع قدره ، ويعلي ذكره ، ويجعله في عليين ، ويلحقنا به صالحين ، وأن يدفع عن اليمن غوائل الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يتوفانا ونحن ثابتون على ما يرضي ربنا ويخدم أمتنا.

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp