رئيس مجلس النواب اليمني لـ "العربي" 11 أكتوبر 1993م : الاتفاقيات السابقة بين الرئيس ونائبه غير ملزمة لنا والقبيلة باقية أكثر تماسكاً .. ومن الخطأ استبعادها في خطط ضبط الأمن

العربي القاهرية –   11 أكتوبر 1993م

 

-       الاتفاقيات السابقة بين الرئيس ونائبه غير ملزمة لنا

-       القبيلة باقية أكثر تماسكاً .. ومن الخطأ استبعادها في خطط ضبط الأمن

 

كل معادلات الحرب والسلام والثورة والوحدة الوطنية تبدأ وتنتهي في اليمن عبر مشاركة وقرار "حاشد" أقوى قبائل اليمن التي يتزعمها الشيخ عبدالله الأحمر رئيس مجلس النواب ورئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح الطرف الثاني في الائتلاف الثلاثي الحاكم مع حزبي المؤتمر والاشتراكي .

في قصره الجديد بالعاصمة اليمنية رفض الشيخ الأحمر أن يبدأ الحوار مع "العربي" قبل تناول الغداء تكريماً لصحيفة حزب عبد الناصر الذي تزين صورته معه الجدران .

 

·      قلت ألاحظ إضافة صورة جديدة تجمعكم والرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر وقادة القوات المصرية في اليمن ، من أين حصلتم عليها ؟

§      قال : من أرشيف الصحف المصرية واللبنانية ويبدوا أننا في زحمة أحداث الثورة ومعاركها ومأزقها لم نلتفت إلى جمع هذا التراث التاريخي الذي يذكرنا دائماً بفضل عبد الناصر العظيم على الشعب اليمني فلولا قراره القومي الشجاع لمساندة ثورة سبتمبر لكان مآلها الفشل الذي صادف ثورات اليمن وانتفاضاته السابقة وربما رزح الشعب اليمني طويلاً في أغلال القهر والتخلف والعزلة عن العالم ، ولما كانت الثورة التي اندلعت بعد عام واحد في الجنوب اليمني ولظل اليمن مشطراً ولا هنئنا بالوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية التي نعيش زخمها اليوم ونفاخر بها غيرنا من الدول العربية وأرقى دول العالم .

·      قلت : كيف ترى المصداقية والموضوعية في الخلاف الراهن بين السيد النائب والرئيس اليمني ؟

§      قال : هذا الخلاف لا مبرر له ويسيء إلى سمعة اليمن وتجربة الوحدة وخيارها الديمقراطي في الخارج ويعكس ظلاله السلبية على أداء مؤسسات الدولة.

·      قلت : السيد النائب يقول أن أسباب خلافه مع الرئيس تكمن في التراجع عن كل الاتفاقات التي جرت بينهما لإنجاز مشاريع الوحدة وتطوير مؤسسات الدولة وتحديث اليمن ؟

§      قال : هناك متغير جديد يجب وضعه في الحسبان بعد نهاية الفترة الانتقالية التي تقاسم فيها الرئيس ونائبه وحزبهما المؤتمر والاشتراكي حكم اليمن ، إذ أن كل ما جرى بينهما من اتفاقيات لا تلزمنا في حزب الإصلاح الذي فاز بالمرتبة الثانية من دوائر الانتخابات النيابية وأصبح شريكاً أصيلاً في الائتلاف الثلاثي الحاكم .

·      قلت " ولكن لا يزال الرئيس ونائبه يمثلان سلطة السيادة والقيادة السياسية ووحدة إرادتها ؟

§      قال : الدستور حدد منتصف شهر أكتوبر الحالي موعداً لتشكيل مجلس جديد للرئاسة أو إجازة التعديلات الدستورية الخاصة بترشيح رئيس الجمهورية ونائبه ، وأنا أسأل أين كانت وحدة القيادة السياسية وإرادتها الواحدة من تنفيذ الاتفاقيات التي جرت بين الرئيس ونائبه وبين حزب المؤتمر والحزب الاشتراكي خلال الفترة الانتقالية التي شهدت ظاهرة تكرار إقامة نائب الرئيس في عدن بعيداً عن مقر عمله في صنعاء ، وخلقت العديد من السلبيات والتعقيدات على الصعيد السياسي وعلى صعيد أداء الحكومة ومؤسساتها لمهامها ، فلماذا يصر النائب على الخلاف وتعبيره عن الخلاف من جانب واحد عبر ظاهرة تغيبه عن صنعاء وكيف تعرف ويعرف الناس حقيقة الخلاف وهو يقيم في عدن ، ولماذا لا يعود ويتحاور أمامنا وأمام شركاء الائتلاف حتى نعرف الحقيقة ، ومن على خطأ ومن على صواب ، وهل هذا شأن الممارسة الديمقراطية على مستوى القيادة وهي القدوة السياسية التي صنعت الوحدة وأرست معالم الديمقراطية وخيار التعددية السياسية وتبادل السلطة .

·      قلت بصراحة هناك من يتهم حزب الإصلاح وأنت زعيمه بالإصرار على اختيار الرئيس ونائبه من حزب واحد ، وبصراحة أكثر هناك من يرى في هذا الاختيار تكريساً لحكم طائفة الزيود التاريخي حيث لا مفر من أن يستأثر حزب المؤتمر بالمنصبين ؟

§      قال : هذا قول باطل شكلاً وموضوعاً ، لأن الطائفية لم يعد لها مكان في اليمن منذ الثورة ، فما بالك بعد الوحدة والديمقراطية ، المسألة تتعلق بالجمهورية الرئاسية التي توخاها الدستور ،وأن يتم اختيار الرئيس ونائبه من حزب واحد منعاً لإشكاليات الخلاف في التوجهات والرؤى وأسلوب اتخاذ القرار ، ورغم ذلك نحن لا نصر على أسلوب معين لاختيار الرئيس ونائبه ، الأمر أولاً وأخيراً موصول بإجماع النواب على الشكل الأكثر تلاؤماً مع ظروف اليمن ، ولذلك طرحنا موضوع التعديلات الدستورية لأوسع مدى من البحث والنقاش عبر اللجنة التي كلفها مجلس النواب لجمع آراء المتخصصين والفعاليات السياسية وكل أفراد الشعب حول هذا الموضوع الذي يتعلق بمستقبل اليمن ، وأظنك تتابع مقالات الكتاب في الصحف اليمنية وإثراءها للحوار حول التعديلات الدستورية برمتها وليس بصدد اختيار الرئيس ونائبه فحسب .

·      قلت : النائب كذلك يرى أن هناك تراجعاً عن الاتفاق حول ترسيخ الحكم المحلي في اليمن بديلاً عن المركزية والشمولية التي تدار بها شئون اليمن الآن ؟

§      قال : وأنا مع الأخ النائب في ذلك ، حيث أدت المركزية والشمولية بالفعل إلى إهمال مصالح الناس في المحافظات ، نحن مع المركزية السياسية في صنعاء ومع اللامركزية في شئون الإدارة والمال والأمن فأهل مكة كما يقولون أدرى بشعابها ، نحن مع كل ما يعزز وحدة اليمن ونرفض كل مظاهر التشطير وشبهات الفيدرالية أو الكونفدرالية .

·      قلت : هناك من يتهم القبائل بعرقلة مشروع تحديث اليمن ؟

§      قال : القبائل اليمنية أحرص من غيرها على التراث والقيم والأخلاق والحضارة واللحاق بركب الحداثة والعصر ، ولعلك لاحظت أنه بالرغم من أن القبائل مسلحة والشعب كله مسلح إلا أنه لم يسقط قتيل واحد ولا نقطة دم واحدة خلال إجراء الانتخابات النيابية ، وذلك كان موضع تقدير وإشادة العالم كله وأمريكا وأوروبا بوجه خاص التي أرسلت مبعوثين على مستوى رفيع للتهنئة باجتيازنا مأزق الانتخابات بسلام.

·      قلت : في طريقي إلى حضور جلسات مجلس النواب أمس لاحظت جيشاً من القبائل المسلحة بالبنادق والرشاشات ومسلحين من كل مكان وانتماء بانتظار خروج النواب وحراستهم في شوارع صنعاء ، كيف يستقيم للسلطة المركزية هيبتها ونفوذها في ضوء هذا الأسلوب غير الحضاري ؟

§      قال : العالم كله مسلح الآن ، الصومال وأرمينيا وأوزبكستان ويوغوسلافيا وحتى في شيكاغو ولوس أنجلوس ، واليمن رغم ظاهرة انتشار حيازة وحمل السلاح أفضل من غيره بكثير ، وهي عادة يمنية موروثة وتصاعدت في خضم وقائع الثورة والدفاع عنها فإذا كان مطلوباً من القبائل ألا تدخل بسلاحها إلى صنعاء فأولى بالجيش أن يسحب قواته من المدن والالتزام بالقانون ، ولا مفر إذن من التعاون بين الحكومة والقبائل لمنع دخول المسلحين إلى المدن .

·      قلت : ورغم ذلك ما زالت القبائل تأوي وتحمي المتهمين بارتكاب الحوادث مثل الفارين من سجن المنصورة وكلما حاصرهم الجيش وقوات الأمن أفلتوا إلى قبيلة أخرى ، ألا يشكل هذا الأسلوب خرقاً للأمن والقانون ؟

§      قال : القبائل تقول لقد ابتلينا بهم وهي حين يلجأون إليها وفقاً للعرف القبلي "أنا في وجهك" أي أنا أطلب حمايتك يوافقون على استضافتهم وحين يكتشفون أنهم متهمون ومجرمون يلفظونهم ويلجأون إلى قبيلة أخرى وهكذا عملاً بالحديث الشريف من آوى محدثاً فعليه لعنة الله .

·      قلت : هل يحتاج الأمر إذن إلى ميثاق شرف قبلي لسد تلك الثغرات الأمنية والقانونية ؟

§      قال : تغير الأعراف القبلية الموروثة يحتاج إلى حوار هادئ لا إلى فرض وإذعان .

·      قلت : يبقى الحديث حول دوافع القوى المشبوهة التي تقف وراء حوادث التفجيرات والاغتيالات السياسية ؟

§      قال : أنا ضد تعليق كل أخطائنا وسلبياتنا وإخفاقاتنا على شماعة الإمامة والرجعية والاستعمار كما كان يحدث في الماضي ، وعلى سلطات الأمن والنيابة الكشف عن تلك القوى المعادية التي تقف وراء هذه الحوادث والتي وصفها بيان حزب الإصلاح مؤخراً بأنها تحاول انتزاع مكتسبات اليمن .


·      قلت : من هي تلك القوى المعادية في تقديرك داخل اليمن وخارجه ؟

§      قال : لا أتهم أحداً ولكن الأخوان في الحزب الاشتراكي كانت لهم ممارساتهم الثأرية فيما بينهم وأصدق دليل على ذلك أحداث 13 يناير الدامية في عدن ، وربما كانت وراء تلك الحوادث مكائد سياسية وقوى خارجية مجهولة تتربص بالوحدة والديمقراطية .

·      قلت : كيف ترى إذن مستقبل القبيلة في إطار مشروع تحديث اليمن ؟

§      قال : أكثر تماسكاً وأكثر تنظيماً وأكثر التزاماً بالقانون وأكثر انسجاماً مع خطوات التحديث ومقتضيات العصر ، والذين يحكمون على الأوضاع القبلية من بعيد وبلا خبرة وإطلاع على أوضاعها سوف يكتشفون أنهم ظلموا قبائل اليمن التي تحرص على مصالح أبنائها وأمنهم وتطبيق الشريعة بينهم وإرساء قواعد العدل وتكافؤ الفرص بين الجميع .

·      قلت : فيما إذا تعثر حل الخلاف الراهن بين الرئيس ونائبه ، هل ترى ثمة أبواباً مفتوحة للتحالف بين حزب الإصلاح وأي من حزبي المؤتمر أو الاشتراكي ؟

§      قال : إيماناً بالتعددية السياسية ومبدأ تبادل السلطة رفضنا التحالف خلال المرحلة الانتقالية ونرفض هذا الخيار بعد إجراء الانتخابات ، المعروض والمطلوب الآن هو مزيد من العمل الجاد وصفاء النية والحوار البناء حتى تنجح صيغة الائتلاف الثلاثي القائم .

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp