بالمختصر المفيد - في ذكرى رحيلِ الشيخ الأحمر *عبدالفتاح علي البنوس

 في مثل هذا اليوم من العام 2007م غيَّبَ الموتُ شخصيةً وطنيةً بارزةً، كان لها ثقلـُــها السياسي والإجتماعي والقبَــلي وحتى العربي.. إنه الشيخُ الراحلُ/ عبدُاللــَّــه بنُ حسين الأحمر -رحمه اللــَّــه- صاحبُ المسيرة النضالية المتميزة والسيرة الحَسَنة التي أكسبته حبَّ الناس واحترامَهم له، ففي ٩٢ ديسمبر 2007م ودع اليمنيون الشيخَ الأحمر في موكب جنائزي مهيب عكَسَ المكانةَ التي يحتلها الراحلُ في قلوب الناس، وها نحن اليوم نحتفي بإحياء الذكرى الثالثة لرحيله وسط أجواء وأوضاع في غاية السوء والتدهور، وفي هذه المناسبة نتذكرُ تلك المواقف الوطنية التي سطرها الشيخ/ عبداللــَّــه طيلةَ حياته، حيثُ ظل رحمه اللــَّــه مخلصاً لدينه ووطنه وأمته، فعلى الصعيد المحلي ضرب أروعَ الأمثال في الوطنية ولم يعرف اليمن طيلة حياته أن قام بأية تصرفات تلحقُ الأذى بالوطن مُطلقاً، ولم يستغل علاقاته الحميمة مع دول الجوار للمتاجَرَة بالوطن وسيادته والإضرار بأمنه واستقراره ووحدته، كما يصنع الآخرون، بل ظل مُخلصاً لوطنه متمسكاً بوحدته حريصاً على استتباب الأمن والإستقرار في ربوعه، كان أكثرُ قادة الإصلاح حكمةً وفطنةً، وكان يتمتع برُؤية ثاقبة تمكنه من تشخيص الأوضاع بدقة، ولطالما أسهَمَ في معالجة الكثير من الأزمات والإحتقانات التي كانت تظهَرُ من وقت لآخر بين المؤتمر وأحزاب المعارضة من خلال تقريب وجهات النظر والدعوة إلى عدم المبالغة في مسألة المناكفات الحزبية، وكانت له بصمات واضحة في حل الكثير من القضايا والنزاعات التي تنشأ بين القبائل والأفراد، كما كانت له إسهاماتٌ مشهودة في الأعمال الخيرية، وظل حتى توفاه اللــَّــه حريصاً على عدم إراقة الدماء اليمنية، ولولا إشتدادُ المرض عليه وإقامته تحت الملاحظة العلاجية في السعودية لما وصلت قضية صعدة إلى هذا المستوى من المواجَهات العسكرية المؤسفة، وعلى الصعيد العربي كان الشيخ/ عبداللــَّــه من الشخصيات العربية البارزة في دعم ومناصرة القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث عمل خلال ترؤُّسه لمجلس أمناء جمعية الأقصى في اليمن على دعم صمود المقاومة الفلسطينية وتأكيد حقها في مقاومة المحتل الغاصب حتى يرحلَ عن أراضيها ويتم تحرير الأراضي الفلسطينية وإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، مع ضمان عودة اللاجئين المهجرين، وكانت مواقفه في ذلك علنية ومشهودة، كما عمل من خلال مؤسسة القدس على رعاية الكثير من أسر وعائلات الشهداء وتقديم كـُــلّ سبل العيش الكريم والحياة الهانئة لهم، وكان في ذلك صريحاً وجريئاً، ولطالما أزعجت مواقفه القومية النبيلة سلطات الكيان الصهيوني الغاصب، وأن شخصيةً بحجم الشيخ/ عبداللــَّــه تتطلب منا مجلدات ومؤلفات للإحاطة بكافة التفاصيل والجزئيات المتعلقة بحياته وسيرته ومواقفه وسفره النضالي وتأريخه الوطني الوحدوي الرائد، هذا التأريخ الذي كنتُ أتمنى أن يجعلـَـه أولادُه نصبَ أعينهم ويعملوا على اقتفاء أثره والسير على ضوئه بعيداً عن التخبط هنا وهناك، وخصوصاً فيما يتعلق بالقضايا السياسية ذات الصلة بوحدة الوطن وأمنه واستقراره، وأنا على ثقة أن أولادَ الشيخ/ عبداللــَّــه لن يجدوا أفضل وأعظم من تأريخ والدهم النضالي والوطني للإستفادة منه في عصرنا الراهن، ولا أخفيكم أني لمست حكمة ورجاحة عقل الشيخ/ عبداللــَّــه في تصرفات نجله الأكبر الشيخ/ صادق، وقد شاهدتُ بأم عيني واحداً من المواقف المشهودة للشيخ/ صادق على هامش إنعقاد ملتقى التشاوُر الوطني في ١٢ مايو الماضي، وحينها أدركتُ بأنه لا خوفَ على أبناء الشيخ ما دام الخلـَـفُ على نهج السلـَـف، وأتمنى من البقية أن يكونوا على نفس المسار، إذا ما أرداوا أن تستمر محبةُ الناس لهم، وما عليهم سوى الإلتفاف حول الشيخ/ صادق وسلك مسلكه والإستفادة من رجاحة عقله وفهمه للأمور بتبصر بعيداً عن المواقف المتشنجة والتصريحات غير السوية والخطوات غير المدروسة.. رحم اللــَّــهُ الشيخ/ عبداللــَّــه وأسكنه فسيحَ جناته..

المسؤولُ القدوة

في بلادنا اليمن، أرض الإيمان والحكمة، أحفاد سبأ وحمير، مواطن العرب الأول... إلخ المسميات التي نفاخر ونفتخر ونعتز بها تحولت المسؤولية أو الوظيفة عند الكثيرين من مَغرَم إلى مغنم، ومن تكليف إلى تشريف، فلا يتردد المسؤولُ فور توليه مهامَ المنصب الجديد في حد سكاكينه لتدشين مسلسل نهب المال العام، وضمان مستقبله وأولاده بعد تركه للمنصب، وهو الأمر الذي قاد البلاد إلى ما نحن عليه من أوضاع يبكي من حالها الطفلُ الرضيع، وهؤلاء يرفعون شعارَ »مَن تولى على بيضة أكل نصفها«، رغم أن الكثيرَ منهم لم ولن يقتنع حتى بمزارع كاملة للدجاج مادام ينظر أن المجالَ مفتوحٌ أمامه، ولا مكانَ للحساب والعقاب، ما دام يدفع حق ابن هادي لمن منحوه تزكيتـَـهم لإىصاله إلى هذا المنصب، وفي ظل هذا الواقع المزري فما يزالُ هناك نماذجٌ لمسؤولين على قدر عالٍ من الوطنية والنزاهة والإستقامة ربطوا على بطونهم من أكل المال العام، وجعلوا من أنفسهم أداةً لخدمة الآخرين حتى ولو تطلب الأمر التضحيةَ من حقهم الخاص، ومن أولئك العقيد/ أحمد علي عُباد المصقري -مدير عام مديرية جهران-.. هذا الرجل الذي يعشق وطنه ويخلص له بطريقة في غاية الروعة، سخر كـُــلَّ وقته لحل قضايا الناس مجاناً، وعمل على ترجمة مَضامين توجيهات رئيس الجمهورية المتعلقة بنظام السلطة المحلية على أرض الواقع، ولا أعتقد أن هناك من مجال للمُزايَدَة على هذا الرجل المسؤول القدوة الذي يجبرنا بدماثة أخلاقه ومواقفه الرجولية على أن نخلعَ له القبعات تقديراً واحتراماً وعرفاناً، ولا أرى ضيماً أن تحظى مثل هذه الشخصيات بدعم وتشجيع الدولة؛ لأن ذلك سيكون في محله.

وللجميع خالص الود.

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp