الشيخ عبدالله في مقابلة مع مجلة الشروق الإماراتية بتاريخ 27 مايو 1992م

- اليمن كله جيش ووضعنا يختلف عن الجزائر يٌعد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر زعيم قبيلة "حاشد" كبرى قبائل اليمن ، الواجهة المباشرة لحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي هو كناية عن تحالف بين بعض رموز القبائل وحزب الإخوان المسلمين الذي يتزعمه الداعية المعروف عبد المجيد الزنداني. كان الشيخ الأحمر قد طلب مشاهدة الأسئلة مسبقاً ، لكنه لحظة وصولنا لم يكن قد أطلع عليها ، وقال أن ذلك حصل بسبب انشغاله في اليومين الآخرين بمتابعة قانون حيازة الأسلحة والتي كانت الجلسة التي حضرناها في منزله مخصصاً في جانب منها لمناقشته والرد على مناقشات النواب لمواده ، وقد بدأ حديثه بالقول أن الدولة تتجاوز الواقع عندما تضع قانوناً لتجريد الشعب من السلاح ، وأضاف نحن ضد انتشار السلاح ، لكنه ضروري لحماية الناس ، ونحن على استعداد لتخفيف الحراسات من حولنا شريطة أن ينطبق ذلك علينا وعلى المسئولين في الدولة . وبعد ذلك انتقلنا إلى طرح الأسئلة فكان الحوار التالي : • ما هو تقييمكم لمسيرة عامين من الوحدة ؟  الوحدة كانت حلم وأمنية كل اليمنيين وتحقيقها إنجاز عظيم لأنها تتويج لنضال شعبنا عبر عقود كثيرة ، وللإنصاف أقول أن كل اليمنيين ساهموا في صنعها ، ثم إذا كان هناك انفصال في الماضي ما بين الأنظمة فالشعب كان واحداً في الشمال والجنوب وكان التشطير موجوداً بين النظامين بسبب وجود الاستعمار في الجنوب ، وبعد خروج الاستعمار البريطاني من هناك كان الأمر الطبيعي هو حصول الوحدة ، إلا أن الظروف كانت غير ملائمة لأن الجنوب عاش حرباً أهلية ، وصنعاء كانت محاصرة ، ثم استولى على الحكم في الجنوب حزب الجبهة القومية في البداية والذي تحول بعد ذلك إلى حزب ماركسي هو الآن الحزب الاشتراكي وهو الذي أعلن استقلال الجنوب وكون دولة خاصة به وبقي الحوار ما بين النظامين متواصلاً إلى أن أراد الله أن تعود لحمة اليمنيين إلى بعضهم في إعلان دولة الوحدة التي هي قدر ومصير كل يمني . • عارضتم كحزب دستور دولة الوحدة ، هل لا تزالون عند موقفكم ، وفي حالة فوزكم بالأغلبية في انتخابات البرلمان المقبل ،هل ستعملون على تغيير بعض مواده ؟  ليكن معلوماً أن المواد التي طالبنا بتعديلها تعمل السلطة الآن على تعديلها والسلطة المتمثلة في الحزبين الحاكمين تحاول الآن إقناع مجلس النواب والقوى السياسية بذلك . • هل لكم أن تذكروا على سبيل المثال مادة تحاول السلطة تعديلها ؟  كل المواد التي طالبنا بتعديلها والتي عارضنا الاستفتاء على الدستور من أجلها ومنها المادة الثالثة التي تنص على أن الشريعة الإسلامية إحدى مصادر التشريع وكما هو معلوم نحن طالبنا بتعديل هذه المادة لتصبح "الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع" والآن وصلت الدولة إلى قناعة بضرورة التعديل ، وقلنا لهم مؤخراً حبذا لو قبلتم رأي الشعب في حينه لكنتم جنبتم الناس الانقسام ووفرتم على الدولة الأموال التي صرفت من أجل الاستفتاء ، وهنا لا نقول سوى أن الرجوع إلى الحق فضيلة . • كيف تنظرون إلى إمكانية تحالف المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي في الانتخابات التشريعية المقبلة ؟  إذا حصل ذلك فنحن نعتبره من قبيل الالتفاف عن الديمقراطية ، فهما كحزبين حاكمين لا يصح لهما ذلك بل إن التحالف جائز بين الأحزاب المعارضة في أي بلد كان والسبب الإضافي هو أن الحزبين الحاكمين لم يصلا إلى السلطة عن طريق الانتخابات ، لذلك فإن عملية التحالف بينهما موجهة ضد الأحزاب الأخرى حتماً . • لو دعاكم أحد الحزبين الحاكمين للتحالف معه ، هل تلبون ذلك ؟  نفضل التحالف مع الأحزاب الصغيرة التي هي خارج السلطة ، لأنه ليس من الديمقراطية بمكان أن نقبل التحالف مع الحزبين الحاكمين ضد الأحزاب التي هي خارج السلطة . • كيف تبررون تحالفكم مع حزب البعث (جناح العراق) مع أنكم تنتمون إلى منابع فكرية مختلفة ، وخصوصاً ما يتعلق بالشريعة ؟  ما حصل بيننا وبين البعث لم يكن تحالفاً ، إنما هو تنسيق نعتبره أمراً مشروعاً بين كل الأحزاب ونحن بصدد الوصول إلى شيء مشابه مع أكثر من حزب ، ومن الثوابت التي اتفقنا عليها مع البعث هو أن الإسلام عقيدة وشريعة . • ما هو تفسيركم لتنامي ظاهرة العنف والاغتيالات في الآونة الأخيرة ؟  ما تسمونه ظاهرة العنف وما تقولون أنها تنامت هذا لم يتنامى إلى في أجهزة الإعلام المحلية والخارجية التي ضخمت ما هو واقع ، والذي يحصل هو أقل مما يقال بكثير ،وعندما نسمع من أجهزة الإعلام والعالم وعلى رأسها أمريكا ولندن نستغرب ذلك خصوصاً وأنهم يتحدثون عن محاولات اغتيال المسئولين فلم تحصل أي محاولة من هذا القبيل سوى تلك التي استهدفت وزير العدل . • كيف تفسرون الاغتيالات والتي جرت لأعضاء مسئولين في الحزب الاشتراكي؟  لم تكن هناك اغتيالات سياسية وإنما يمكن أن تكون المسألة ناجمة عن صراعات داخلهم كحزب ، أو خلافات شخصية ما بين أفراد بدافع الثأر القبلي أو ما يشبه ذلك ، وهنا استثني حالة اغتيال عضو الحزب الاشتراكي حسن الحريبي ، وهو الحزبي الوحيد الذي اغتيل في حادث غامض ولم تكشف ملابساته لأنه لم يعرف حتى الآن أنه يوجد بين هذا الإنسان خلاف شخصي أو ثأر مع آخرين ، وبقية الحوادث هي طبيعية ومعروفة ، لكن الصحافة والإعلام تعمل على تضخيمها لأمر ما . • اليمن مرشح لأن يكون بلداً سياحياً ، ما هو فهمكم للسياحة ؟  من المعروف أن متطلبات السياحة توفير الأمن والاستقرار ووسائل النقل والإقامة والراحة ، وذلك سوف يتوافر بعون الله ، والسياح الأجانب موجودون الآن في اليمن ولن يتعرض أي سائح لأي مضايقة أو اعتداء في طول اليمن وعرضه ونأمل أن يتوسع هذا المجال . • ما هو في تصوركم السبيل المفيد للتعامل مع عائدات النفط ؟  لعائدات النفط أولويات أولها الزراعة ومن ثم الصناعة ، أي الجوانب الإنتاجية ، وبعون الله سوف يتحقق ذلك لأنه ليس هناك جدال حول هذا الموضوع فالمسئولون والمختصون مجمعون على ذلك ويسيرون نحوه . • أشرتم في أحد التصريحات الصحفية إلى أن الصحافة اليمنية تجاوزت حدودها ، ما هو مفهومكم لحدود الصحافة ؟  هذا ما يقوله الجميع وليس أنا فقط في بلد حديث العهد بالتعددية والحزبية والديمقراطية ، يجب وضع ضوابط لحرية الصحافة ، لأن الإسفاف والتجني على الغير سواء داخل اليمن أو خارجه يعتبر خارجاً عن الحدود أو زائداً عنها . • زرتم المملكة العربية السعودية مع عدد من مشايخ اليمن وقابلتم الملك فهد ، هل بحثتم في العلاقات اليمنية – السعودية ؟  نعم زرنا السعودية مع عدد من المشايخ منهم الشيخ سنان أبو لحوم وكانت الزيارة بغرض العمرة واستقبلنا الأخوة السعوديون ، كما تجري عادة الأعراف وعلى غرار ما يحصل لشخصيات العالم العربي والإسلامي التي تأتي لهذه المناسبة . • هناك أخبار تتداول في بعض الأوساط عن خلافات تتعلق بالحدود بين اليمن والسعودية ، وعن ضغوطات سعودية على شركات النفط الأجنبية العاملة في اليمن ، ما هو موقفكم من ذلك ؟  خلافات الحدود موجودة بين كل الدول . • لكن البعض يقول أن السعودية لا تريد حلها مع الرئيس علي عبدالله صالح ، بل هي تعمل من أجل إزاحته عن السلطة ، فما هو رأيكم ؟  هذا لم نسمعه وهو أمر غير مقبول ولكن لا يعني ذلك أن السعودية ترفض الحوار مع اليمن فهما جاران توجد بينهما قواسم مشتركة لا ترقى إليها أية علاقات بين بلدين آخرين ، وإن كانت حصلت بعض التباينات أثناء أزمة الخليج الأخيرة فهي ليست أكثر من سحابة صيف . • في حال فوز حزب الإصلاح في الانتخابات ، ما هو تصوركم لشكل الدولة التي سوف تبنونها ؟  يتطلب العالم الثالث ، ونحن منه ، العدل والديمقراطية وتوفير العيش وتحقيق الرخاء وطموحنا تحقيق ذلك ، العدل الذي كفله الإسلام وإن تكون الشريعة هي السائدة وهي المصدر الوحيد لكل القوانين والتشريعات . • في هذا الاتجاه ما هو نموذج الحكم العربي السائد الذي ترونه قريباً من طروحاتكم؟  الصحافي أكثر خبرة مني ومن غيري . • ما هو رأيك بالتجربة السودانية على سبيل المثال ؟  لكل بلد تجربته وظروفه ، السودان بلد مترامي الأطراف ويجمع ديانات عدة ، أما نحن في اليمن فشعب مسلم مائة في المائة وعربي ، لا توجد بيننا لا أقليات غير عربية ولا إسلامية ، والشريعة الإسلامية هي التي حكمت اليمن منذ فجر الإسلام وهي المرجع الذي يعالج قضايا اليمنيين ويحل مشاكلهم وهي الفاصل في كل شيء ، ولهذا ليست لدينا مطالب أخرى كتجمع يمني للإصلاح مثلما هو الحال في السودان أو غيرها ، ونحن نعتقد بالشريعة ، فلسنا مثل بعض البلدان كالجزائر التي تحكمها القوانين الوضعية ، ثم جاءت الصحوة الإسلامية لتطالب بإلغاء ذلك . • ألا تخشون من تكرار التجربة الجزائرية في اليمن ؟  قلنا لكم أن لكل بلد ظروفه ونحن شعب عربي مسلم والشريعة مطبقة . • لكن في الجزائر تدخل الجيش لإلغاء نتائج الدورة الأولى للانتخابات ؟  اليمن كله جيش والوضع هنا يختلف عن الجزائر وعن غيرها . • كيف تنظرون للأزمة الليبية – الغربية ،والموقف العربي منها ؟  نراها قضية ظالمة وما تريده الولايات المتحدة والدول الغربية هو فرض حكم القوي على الضعيف ، وإلا كيف يبرر المنطق هذا ، السلوك الحاصل لأنه لا يوجد في القوانين الدولية ما يلزم ليبيا تسليم مواطنيها المتهمين ، أما الدول العربية ، فعليها أن تكون إيجابية مع ليبيا أكثر مما هي عليه الآن ، وإلا فسوف يطبق عليها المثل القائل " أكلت يوم أكل الثور الأبيض" . • ما هو مفهومكم للزعامة القبلية ؟  التركيبة القبلية حضارية وهي أفضل من الحزبية وأكثر التزاماً منها ، وفيها من العادات والتقاليد والضوابط والأخلاق ما لا يوجد في الكثير من الأحزاب ، ونحن في اليمن ننفرد بهذه التركيبة وهذه التقاليد ، ونعتز بذلك جداً ،كما نحرص على تطوير هذه المعطيات كي تصبح مواكبة للعصر من خلال إزالة الشوائب والتمسك بالجوانب المشرقة فيها ، وهي كثيرة واعتزازنا وتمسكنا بها يفوق أي اعتبار آخر .

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp