الشيخ عبدالله في مقابلة مع صحيفة الصحوة بتاريخ 7/6/1990م

- فرحتي بإعلان الوحدة لا تقل عن فرحتي بقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر • جمهور القراء يتطلعون إلى معرفة انطباعاتكم إزاء هذا الحدث الكبير؟  انطباعاتي إزاء هذا الحدث العظيم وهو إعلان الوحدة اليمنية المباركة ومولد دولة الجمهورية اليمنية الفتية لا تقل عن انطباعي وفرحتي بإعلان قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر, عندما سمعت النبأ العظيم صبيحة الخميس 26 سبتمبر 62م وأنا في سجن الإمام بمنطقة المحابشة لواء حجة الذي قضيت فيه ثلاثة وثلاثين شهراً من اليوم الذي أعدم فيه والدي وأخي حميد في شهر رجب من سنة 1379هـ اللذان ضحيا بدمائهم من أجل دعوتهما المعلنة إلى قيام نظام جمهوري في اليمن والذي من أهدافه إعادة توحيد اليمن شماله وجنوبه في ظل نظام جمهوري شوروي عادل. وبحمد الله فقد تحققت الأهداف التي ضحوا بدمائهم في سبيلها وهو قيام نظام جمهوري وانتصاره على أعدائه وإعادة وحدة اليمن وقيام دولة الوحدة دولة الجمهورية اليمنية الفتية. والواقع أنها حدث كبير وعظيم ويستحق أن يفخر به كل يمني بل يفرح به كل عربي, وقيام الوحدة اليمنية اليوم يعتبر تنفيذاً لقرار مجلس الشورى عام 1972م والذي كنت رئيساً له حينذاك والذي ألزم السلطة التنفيذية بتحقيق وإقامة الوحدة اليمنية بكل الوسائل الممكنة, ولقد كانت الوحدة من أهم أهدافنا وعملنا من أجل تحقيقها وسنعمل على حمايتها من أي تعثر أو انحراف. وبهذه المناسبة أوجه شكري الجزيل للأخ الفريق علي عبدالله صالح رئيس مجلس الرئاسة الذي كان لجهوده الجبارة الفضل الكبير في تحقيق هذا الحدث العظيم والمنجز الكبير وكذلك نشكر الأخ علي سالم البيض نائب الرئيس لإسهامه الكبير في إنجاز الوحدة وإخراجها إلى حيز الوجود. • من المعروف لدى الجميع موقفكم من مشروع الدستور قبل إعلان الجمهورية اليمنية, فما هو موقفكم اليوم؟  نعم, لقد اعترضنا على بعض مواد دستور دولة الوحدة وطالبنا بتعديلها, وهي المواد التي اعترض عليها علماء اليمن وقدموا ملاحظاتهم عليها إلى الأخ علي عبدالله صالح ووعدهم بتعديلها بعد قيام دولة الوحدة. والآن لا يزال مطلبنا بذلك قائماً لأننا نريد لشعبنا ألا يقع فيما وقع فيه غيره من الشعوب الإسلامية التي ابتعدت عن الشريعة الإسلامية فعانت المصائب والكوارث نتيجة الاستسلام للقوانين الوضعية, وما يحدث الآن من الصراعات الدموية بين الشعوب المسلمة المطالبة بعودة الشريعة الإسلامية وبين الأنظمة المتمسكة بالقوانين الوضعية هو دليل على ما نقول . وأملنا عظيم في الأخ الرئيس وأعضاء مجلس الرئاسة أن يعملوا على تصحيح الدستور فهم أحرص على التمسك بالشريعة الإسلامية والعمل بها وتطبيقها قولاً وعملاً ونسأل الله أن يأخذ بأيديهم إلى ما يحبه ويرضاه. وإذا كانت القيادة قد عدلت الباب السادس المتعلق بالفترة الانتقالية- وهو من الأساسيات- فإن المنطق يفرض عليها أن تستجيب للمطلب الشعبي بتعديل المواد المشار إليها, فالشعب اليمني بأكمله شعب مسلم وليس فيه أقليات, ومن أجل ترسيخ الوحدة وصيانتها من أي تعثرات فإن مطلبنا بتعديل الدستور لا يزال قائماً وسنظل نلح ونتابع حتى يتحقق ذلك. • كان من المفترض أن يتم- بعد إعلان دولة الوحدة- إلغاء القيود تلقائياً- على حرية الأحزاب والمنظمات السياسية والانتقال إلى مجتمع تعددي سياسياً.. لكن أتضح أن الأمر لم يعد كذلك ولاسيما بعد تشكيل لجنة الحوار مع الأحزاب.. هل لكم وجهة نظر حول هذا الأمر؟  إعلان قيام دولة الوحدة على أساس الدستور الذي يعطي الحق للمواطنين في تنظيم أنفسهم سياسياً, يعني إلغاء كافة القيود التي كانت تحرم وجود الأحزاب في البلاد وبالتالي فإن للمنظمات السياسية والحزبية حق ممارسة نشاطها العلني والخروج من دائرة السرية وكان من المفترض أن يكون قانون الأحزاب جاهزاً وأن يكون في مقدمة القوانين التي تصدرها دولة الوحدة. أما تشكيل لجنة الحوار مع الأحزاب والشخصيات الاجتماعية فقد كان أمراً مقبولاً قبل قيام دولة الوحدة تشارك تلك المنظمات والشخصيات في إقامة الدولة ووضع لبناتها أما إجراء الحوار الآن بعد قيام دولة الوحدة فما هو إلا أسلوب من أساليب تأجيل البدء في ممارسة التعددية السياسية والحزبية التي كفلها دستور الجمهورية اليمنية لجميع المواطنين, ونرجو ألا يكون ذلك بداية غير ديمقراطية, فالديمقراطية هي ضمان وصمام أمان لرسوخ دولة الوحدة. • كيف يمكن أن تتحقق عملية الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حالياً رغم أن عدداً من أعضاء مجلس النواب تنفيذيون ويتولون مسؤوليات هامة ولا سيما في مجلسي الرئاسة والوزراء؟  مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ دستوري تقوم عليه الدول الديمقراطية وهو مبدأ هام يضمن قيام كل سلطة بواجباتها ومهامها ويضمن لممثلي الأمة في السلطة التشريعية أداء دورهم في مراقبة وتقويم أداء السلطة التنفيذية لمهامها وعدم خروجها على الدستور والقوانين واحترام إرادة الشعب, وهذا لا يعني أن السلطة التشريعية عدو للسلطة التنفيذية بل يعني التكامل والتعاون بين السلطتين لخدمة الوطن والمواطن. ومع الأسف فإن الدستور لم يتضمن نصاً صريحاً بالفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وهذا من الجوانب التي يجب أن ندركها عند تعديل الدستور والذي طالب العلماء والمفكرون بتعديلة وهناك جوانب أخرى بحاجة إلى تعديل لم تتضمنها ملاحظات علماء اليمن الذين ركزوا على الجوانب الشرعية فقط وهو ما يهمهم بالدرجة الأولى, ولكن الجوانب الأخرى أشار إليها المفكرون السياسيون والاقتصاديون والاجتماعيون وطرحوا ضرورة تعديلها ولكن الحرص على قيام الوحدة قد جعلهم يؤجلون المطالبة بذلك حتى تتحقق الوحدة وها هي الوحدة قد تحققت ولا بد من إعادة النظر في الدستور وتعديله وإزالة الثغرات وتدارك النواقص لتجنب أي إرباكات في المستقبل. • هل ستتم عملية تغيير أو إلغاء لأوضاع معينة تعتبر مخالفة لدستور الجمهورية اليمنية خلال الفترة الانتقالية أم أن الأمور ستؤجل إلى ما بعد هذه المرحلة؟  الحقيقة أن وثيقة إعلان قيام الجمهورية اليمنية قد نصت على العمل بالدستور فور إقراره وقبل إجراء الإستفتاء الشعبي عليه وهذا يعني أننا ملزمون بهذا الدستور وأي وضع قائم وهو مخالف للدستور فالواجب يقتضي تغييره وإلغاؤه, والدستور يقول في المادة الثانية منه أن الإسلام دين الدولة وهذا يعني أن أي وضع لا يقره الإسلام يلزم تغييره وإلغاؤه فوراً ولا يمكن تأجيله إلى ما بعد المرحلة الانتقالية و إلا نكون مخالفين للدستور. مجلة اليوم السابع 16/ يوليو/1990م • سمعنا أن لكم موقفاً معارضاً للدستور الذي تمت على أساسه عملية التوحيد.. فهل هذا صحيح؟  الشعب اليمني شماله وجنوبه شعب مسلم ، ولم يكن هناك أي أقلية غير إسلامية في هذا الشعب كما هي الحال في مصر أو بعض البلدان العربية ولهذا فليس هناك ما يبرر وجود بعض المواد التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية الموجودة في دستور الوحدة ، وهذه المواد موجودة في عرائض تقدم بها العلماء والمشائخ وهي 9 مواد وضعوا حولها الأدلة منها المادة التي تقول أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للقوانين ، والمطلوب أن تكون الشريعة الإسلامية هي مصدر القوانين جميعاً ، ونحن بحمد الله في اليمن ملتزمون بالشريعة الإسلامية نصاً وروحاً وهي التي نحتكم إليها في جميع شؤون حياتنا ، وهي المرجع لكل شيء ولكل خلاف ، وقوانيننا الموجودة من أول الثورة اليمنية إلى الآن منسجمة كلها مع الشريعة الإسلامية وأي قانون يصطدم بأي نص من نصوص الشريعة يرفض فوراً ، ولم يصدر أي قانون مخالف للشريعة . واليمن عبر التاريخ من بداية الإسلام إلى الآن يحكم بالشريعة الإسلامية ولذا لم نلجأ إلى المطالبة مثل غيرنا من الشعوب بعودة القوانين الإسلامية والشريعة الإسلامية وهذا الشيء نفخر به ونعتز ، والذي يجب أن نتمسك به ولا نفرط وهذا هو الدافع لنا للمطالبة بتصحيح الدستور مع المشايخ وعلماء اليمن وسيظل هذا مطلبنا . • هل يؤثر هذا الموقف من الدستور على موقفكم من الوحدة ؟  نحن دعاة الوحدة ، وسنكون حماتها والموقف من الدستور لا يعني أننا نتقاعس في دعمنا للوحدة وحمايتنا لها ، ونحن في الماضي من دعاة الوحدة وسنكون في المستقبل من حماتها . • الكلام الرسمي الصادر عن المسئولين في اليمن وفي السعودية يتحدث عن الحوار والتفاهم والتأييد المتبادل ولكننا نسمع في كل مكان همساً عن توتر في العلاقات بين البلدين ، ما رأيكم بهذا المسألة ؟  ما يقوله المسئولون في السعودية وفي اليمن هو الكلام المسئول ، وما يقوله غير المسئولين هو كلام غير مسئول . • ولكن الهمس يدور بالذات حول جيزان ونجران ؟  ليس هناك خلاف ، وما تبقى من الحدود بين اليمن والسعودية بدون تحديد سيتم تحديده في المستقبل بروح أخوية، وبطريقة فيها الحرص على العلاقات الأخوية القوية وهناك اتفاقية بين اليمن والسعودية تبين ما الذي تم تحديده وماذا لم يتم تحديده (اتفاقية 1934). • نريد أن نسمع رأيك حول التعددية السياسية ولجنة الحوار المكلفة ببحث هذه المسألة ؟  حول لجنة الحوار لا رأي لدي ولكن كان يجب أن يكون الحوار قبل الوحدة أما بالنسبة للتعددية فرأيي واضح ، كل الشعب اليمني ينظر للحزبية بقلق واشمئزاز وخوف ، وأنها لا تنسجم مع الإسلام ، وهذه نظرة كل الشعب اليمني . إنما الآن وقد برز الحزب الإشتراكي الذي كان موجوداً في عدن وانتقل من عدن ليشارك بالحكم في اليمن بكاملة ، معنى ذلك أننا اعترفنا بالأحزاب بالإضافة إلى أن الدستور يقر وجود الأحزاب والتنظيمات السياسية ولا يصح أن يوجد في البلد حزب واحد أو حزبان فقط يحكمون اليمن وينفردوا بحكمه ، وفي هذا الحال أصبح من الضروري وجود أحزاب متعددة لكي توجد الديمقراطية ولكي تكون الديمقراطية صحيحة ، وبوجود حزب واحد لا توجد ديمقراطية بل ديكتاتورية . • كيف تنظرون إلى مجلس التعاون العربي بعد قيام اليمن الواحد؟  ليس لدينا أي تحفظ ونحن من مؤيديه ، وأنا كنت ضمن الوفد الذي ذهب إلى بغداد يوم إعلان الإتحاد . • قديماً كان هناك صراع وتنافس بين قبائل (حاشد) و(بكيل) كيف هو الوضع الآن؟  الخلافات ذابت كثيراً ، والمشائخ بينهم ألفة وتآخي وتفاهم وتعاون وترابط ، وكلهم متعاونون مع الدولة ، ومع مناطقهم ومساهمون في بناء الطرق والكهرباء والشيخ في اليمن لديه خلفية سياسية ومتنور وحضاري ، وكل القبائل تحب العلم والنور ، وكل النظرات حول القبائل اليمنية خاطئة ويجب أن تزال من الأذهان ونحن ننسق مع الشيخ سنان أبو لحوم ومع غيره من المشائخ ، وأنا بحمد الله أتمتع بعلاقات طيبة ومودة مع الجميع ، لم يعد هناك حدود بين حاشد وبكيل.

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp