تسع سنوات عجاف بعد الرحيل..!!

عشر سنوات مضت على نبوءة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وتحذيراته من دخول اليمن إلى النفق المظلم.

لم نكن نعي حينها حقيقة ذلك التحذير. كثير منا اعتبره مجرد مناكفة سياسية من رئيس أكبر حزب معارض للنظام الحاكم حينها، لكن الرجل كان يعلم ما يقول.

كان ذلك تحذير من رجل عصرته التجربة وعايش مراحل الانتقال التاريخي لليمن، وساهم في رسم خارطة اليمن السياسية لأكثر من ستة عقود.

تلك الكلمة التي اعتبرها الكثير كلمة عابرة في سياق صراع الحكم والمعارضة كانت نتاج معرفة حقيقية بمشاريع (صالح) الخاصة في التوريث وفي عقد تحالفات فئوية على أسس ايدلوجية مضادة للأيدلوجيا السنية المعارضة تحت زعامة حزب الإصلاح، كان الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر يفهم جيدا أن صالح يمضي بالبلاد نحو كهف التشيع، ونفق المذهبية في محاولة لإيجاد رافد شعبي منظم يدعم حكم الإبن (أحمد) ويوفر له المعادل الموضوعي والمرجح الفكري بموازاة معارضة (سنية) ترفض فكرة التوريث.

لم يكن في ذلك الوقت تحضر مصطلحات الشيعة والسنة في اليمن، لكن كان مشروع الحكم الإمامي ينشط في دوائر الدولة ويؤثر على قرارات صالح، وربما اطلع الشيخ الأحمر على الصفقة التي تم إبرامها بين صالح ورموز مشروع الزيدية (الإمامية) بدعم مشروع التوريث شعبيا مقابل الشراكة الكاملة في السلطة وإقصاء الخصوم السياسيين.

كانت تلك الكلمة العميقة المنضوية على تحذير صادق رسالة موجهة للأحزاب السياسية الوطنية من على منصة مؤتمر عام أكبر أحزاب المعارضة، لكن الأحزاب الفاعلة في إطار تكتل اللقاء المشترك لم تستقبل تلك الرسالة وتحملها مشروعا وطنيا بقدر ما كانت تعد انخراطها في تكتل معارض مجرد تكتيك مرحلي قائم على انتهازية فجة كشفتها أحداث انقلاب 2014 تاريخ تدشين الدخول الرسمي للنفق المظلم.

ورغم أن نظرية منظر الحزب الاشتراكي (ياسين) كانت قد تمخضت عن تقييم مشابه لتقييم الإصلاح الذي عبر عنه الشيخ عبدالله بالنفق المظلم إلا أنها التقت في التقييم واختلفت في الاستعداد لخوض غمار المعالجات، حيث قدم ياسين -نظريا- معالجة استخدم فيها توصيف الشيخ عبدالله مع قليل من التحوير حيث سمى النفق بالمضيق، وقدم رؤيته لعبور المضيق، لكن لم يكن لديه الاستعداد لحمل تبعات هذا العبور، فعبر منفردا وترك وراءه جراحات الوطن ورفقاء النضال يدفعون ضريبة حملهم مشروع التغيير الاستراتيجي وليس التكتيكي فيما فضل هو الانزواء على أسرته مع بعض الكتابات التي يطالعنا بها بين فترة وأخرى حول: (عويل المنهزم) و (العملية الجراحية التي سينفذها الحوثيون ويعودون) ومؤخرا (تجريم الهضبة وشتمها)!!

نحن اليوم وقد دخلت البلاد ذلك النفق المظلم الذي حذر منه الشيخ عبدالله نستشعر عظمة الهامة الوطنية المخلصة للشيخ الراحل، ونستحضر عظمة التضحيات التي قدمها وما زال يقدمها حملة مشروع بناء اليمن سواءا في مرحلة النضال السلمي للحد من فرص وصول البلاد لهذا النفق المظلم، أو في مرحلة النضال والكفاح المسلح في محاولة الخروج منه.

ونحث قادة وساسة اليوم للبحث عن بصيص النور في هذا النفق للخروج منه، ثم الاستفادة من تجارب الأيام ودروس التحولات في ردم كافة الأنفاق المستقبلية، وهدم كافة كهوف الفتنة والتخلف، وبناء دولة عادلة قوية قائمة على أرضية صلبة لا تقبل الاهتزاز في قادم الأيام.