اليمن وأمريكا والقضايا الأمنية وسياسة التوازن الدولي ..أعدها للمنتدى الأستاذ - عبدالله مجاهد نمران مستشار الصناعة والتجارة

 
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
إن اليمن يمر بمنعطف خطير في المرحلة الراهنة . يتطلب من القيادة السياسية مهارة فائقة لإتقان لعبة التحالفات الدولية .
 
والتعاون مع القطب الأوحد بحذر شديد . لا سيما وبلادنا تواجه ثلاثة تحديات رئيسه:
 
الأول : بلادنا والولايات المتحدة الأمريكية والشراكة في مكافحة الإرهاب .
 
الثاني : القلاقل الأمنية في بعض المحافظات والقرصنة البحرية .
 
الثالث : تحسين الوضع الاقتصادي .
 
وهذه التحديات تترابط فيما بينها ، وسنحاول مناقشتها بعيداً عن المزايدات السياسية
 
وأخيراً طرحنا بعض المعالجات من أهمها :
 
ضرورة تطبيق سياسة التوازن الدولي والتأكيد على التلاحم الوطني وأنا على يقين أنها إذا تظافرت الجهود المخلصة لبناء الوطن فإن أي مساهمة مننا أو من غيرنا ستكون لها أثار إيجابية .
 
التحدي الأول: بلادنا والولايات المتحدة الأمريكية والشراكة في مكافحة الإرهاب.
 
إن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل موقعاً هاماً على الخارطة السياسية الدولية لما تمثله من تقدم تكنولوجي واقتصادي ولما لها من نفوذ عسكري وسياسي في كثير من دول العالم .
 
ومن أهم حلفائها على الإطلاق هو الاتحاد الأوربي وكندا واستراليا .
 
أما الكيان الصهيوني فليس مجرد حليف بل تعتبره امتداداً لها في الشرق الأوسط وشريكاً فاعلاً وأساسياً لدى غرب أوروبا .
 
أما روسيا والصين فقد لعبت المصالح الاقتصادية دوراً كبيراً في تشكيل تلك العلاقات ولا تخلو هذه العلاقات أحياناً من التوتر بين الصين والولايات المتحدة بسبب تايوان وأقليم التبت وبعض الخلافات التجارية .
 
وبين روسيا وأمريكا بسبب توسع حلف الناتو والذي ضم العديد من دول أوروبا الشرقية التي كانت منضويه بما يعرف سابقاً بحلف وارسو قبل انهيار الاتحاد السوفيتي والدرع الصاروخي المزمع إقامته في بعض تلك الدول على حدود روسيا الاتحادية .
 
وقد ذهب بعض الكتاب الروسيين إلى إمكانية طلب روسيا الانضمام إلى حلف الناتو بعد أن يتم طرح بعض الشروط المسبقة .
 
وعلاقات الولايات المتحدة مع دول العالم القوية مبنية على التكافؤ واحترام السيادة الوطنية لأي دولة .
 
وقد يتطور أحياناً إلى حلف عسكري ضد دولة ما كما حصل ضد العراق قبل غزوه وفي كوسوفو وأفغانستان .
 
أما العالم العربي والإسلامي فالوضع يختلف تماماً فسياسة ا لهيمنة العسكرية والاقتصادية هي السائدة .
 
والأمر واضح وجلي ولا يحتاج إلى براهين فما يجري في العراق وأفغانستان وباكستان وما يتلقاه الكيان الصهيوني من الدعم اللامحدود في جميع المجالات وبدون استثناء أكبر شاهداً على ذلك
 
 الإرهاب الدولي : إن الإرهاب الدولي الذي أصبح سيفٌ مسلطاً على رقاب المسلمين ، ويسعى إلى تدمير الحدث والنسل وقتل الأبرياء .
 
ما هو إلا صنيعه أمريكا شاركهم في وجودها الأنظمة العربية والإسلامية .
 
ولكن ما يدعو للأسى أن أصحاب الأقلام الحرة كالصحفيين ، والمصلحين الاجتماعيين والسياسيين المطالبين بتحسين أوضاعهم وأوضاع مناطقهم أو شعوبهم ، يصنفون من قبل الأنظمة بأنهم إرهابيون يجب استئصالهم أو العودة إلى رشدهم حسب مفهوم الحكام .
 
ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل اتخذ أشكالاً دولية في غاية الخطورة حيث وضُعت قوائم سوداء ظالمة تصنف المقاومين الشرفاء المناضلين من أجل استرداد أراضيهم المغتصبة ورفع الظلم عن شعوبهم بأنهم إرهابيون يُحضر التعامل معهم . وأحياناً استخدمت الأمم المتحدة كمظلة يمرر أصحاب القرار السياسي أهدافهم ضد أبناء الشعوب المكلومه وفي بعض البلدان حُضرت أحزاب سياسية عريقة من ممارسة نشاطها السياسي بحجة أنها خطر على شعوبها .
 
لقد أعطت الولايات المتحدة الأمريكية أهمية كبرى في الجانب الأمني .
 
ليس فقط لوجود الشركات النفطية الأمريكية داخل اليمن ، بل ولقربه الشديد من مناطق النفوذ في الخليج العربي رغم وجودها العسكري في مياهه الإقليمية علاوة على ذلك فاليمن يطل على منافذ دولية في غاية الأهمية ويمتلك ثروات مستقبلية تسيل لها لعاب الكثير من الشركات الدولية الكبرى .
 
لذلك لوحت الولايات المتحدة بالورقة الأمنية أو ما يعرف بمحاربة الإرهاب ولا تخفى امتعاضها من بعض التهديدات الإرهابية ، مع إقرارها علناً بأن اليمن شريكاً مهماً في محاربة الإرهاب .
 
وكان نتيجة لذلك دعوة اليمن في مؤتمر لندن حول القضية الأمنية واستعداد المجتمع الدولي لدعم اليمن لمحاربة الإرهاب سواء من خلال تطوير الأجهزة الأمنية وتزويدها بالمعدات التقنية الحديثة والتدريب أو من خلال دعم اليمن مالياً بغرض محاربة الفقر الذي يعتبر من الأسباب الرئيسية في وجوده .
 
وعندما سؤل فخامة الأخ الرئيس من قبل قناة العربية بأن الصحافة الأمريكية كتبت أن القوات الأمريكية تحدثت عن مضاعفة عدد أفراد القوة العسكرية في اليمن وعن زيادة العمليات .
 
أجاب الأخ الرئيس ( بأن هذا الكلام لا أساس له من الصحة ولا يوجد على الأرض اليمنية لا في اليابسة ولا المغمورة أي تواجد عسكري وليس بيننا أي معاهدة أو اتفاقية تسمح بالتواجد العسكري بل هناك تعاون أمني يمني أمريكي في مكافحة الإرهاب في إطار الشراكة الدولية ، وفي مجال التدريب لمكافحة الإرهاب وخبراء محدودين بالعشرات لا يزيد عددهم عن 40 أو 50 شخصاً .
 
ويوجد تعاون أيضاً في تبادل معلومات في مجال مكافحة الإرهاب ) هذا ما قاله الأخ الرئيس بالنص .
 
ولكن ما دار في الجلسة الذي عقدها الكونجرس وحضرها عدد من القيادات الأمريكية من الخارجية والأمن والدراسات البحثية والمعاهد المتخصصة والكونجرس قبل شهر تقريباً أكبر من ذلك بكثير ، إليكم مقاطع منها على النحو التالي :
 
( تحدد بوضوح خط السير الأمريكي في التعامل مع الملف اليمني راهناً ومستقبلاً وفق إستراتيجية أمريكية متعددة الأبعاد مؤكدين أنه لذلك فليس من المستحيل أن تحرك الولايات المتحدة في جميع الاتجاهات ولدى جميع الأطراف المعنية بالشأن اليمني الداخلي وخاصة العناصر الانفصالية في الخارج والعناصر المتمردة في الداخل والمعارضة اليمنية بعد ما لمست محدودية الإصلاحات السياسية التي تقوم بها السلطة الحالية في اليمن جاء ذلك على لسان ليسلي كامبل خلال جلسة الاستماع وهو كبير المعاونين والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعهد الديمقراطي الوطني .
 
وقد حددت الجلسة ما يشبه خارطة الطريق للإدارة الأمريكية للسير بين جبال اليمن وتضاريس وخصوصيات وأزمات اليمن على النحو التالي الأول أن تتوصل القوى والأطراف السياسية اليمنية إلى صيغة مناسبة للمشاركة في السلطة موضحاً أنه يمكن أن تأخذ أشكالاً مختلفة مثل إجراء انتخابات برلمانية وفقاً لشروط تقبلها قوى المعارضة ودعم اللامركزية بما يسهم في تقرير سلطة المحليات والمحافظات والثاني أن تتعامل الحكومة اليمنية مع ملف المتمردين الحوثيين ومطالب الجنوب بالانفصال من خلال المفاوضات السياسية والحوار ويرى الكونجرس على أنه يمكن أن يفضي إلى سلام شامل يسمح للحكومة بتقديم الخدمات والتفرغ للتعامل مع التهديدات الإرهابية والتعامل مع التحديات الاقتصادية .
 
ثالثاً تعزيز التعاون بين الحكومة اليمنية والدول المجاورة .
 
هذه بعض المقاطع الهامة التي توصلوا إليها في جلسة الكونجرس .
 
وقد نشرت صحيفة الشموع ما دار في جلسة الكونجرس في عددها 525 الصادر بتاريخ 20/3/2010م ويمكن استخلاص النتائج التالية :
 
أن الولايات المتحدة استطاعت أن تدرس الوضع اليمني السياسي والاقتصادي والأمني بدقة فائقة وأصبحت تلعب على الأوتار الحساسة فمن جهة تضغط على الحكومة وتفرض عليها شروطها من خلال حثها المتواصل على محاربة الإرهاب وربط الدعم المالي الدولي بما تحققه من نتائج ومرة أخرى تستخدم الورقة السياسية مع الحكومة وضرورة الوصول إلى حلول مناسبة مع جميع ألوان الطيف السياسي ، وفي حقيقة الأمر أنه لا يهمها من يحكم بقدر ما يهمها من الذي سيقدم لها خدمات أكثر سواء الحكومة أو المعارضة ولذلك لاحظنا أن الجانب الاقتصادي يأتي في آخر سلم خياراتها.
 
ومن جهة أخرى تغازل المعارضة وتدغدغ مشاعرهم بما توحيه لهم أنها مع مطالبهم العادلة ومع فتح الحوار مع جميع الأطراف اليمنية في الداخل والخارج وقدمت مبادرتها عن طريق المعهد الديمقراطي الأمريكي واختارت بيروت مقراً للقاء المرتقب. فهل المقصود بذلك تدويل القضية هذا مجرد سؤال . وإجابته لا يعرفها إلا الراسخون في السياسة اليمنية ولاشك أن الوسيط الأمريكي يعرف كيفية التعامل مع الأطراف السياسية ولديه خبرة في ذلك ولكن نخشى أن يفلت الزمام من الأطراف اليمنية حكومة ومعارضة وأن يملي شروطه كحلول واجبة النفاذ وهنا تفتقد الوساطة معناها.
 
ومع ذلك فنحن نطالب بتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة في جميع المجالات الاقتصادية والتقنية وأن تكون علاقات طبيعية وطيبة ولكن بدون التدخل في شؤننا الداخلية .
 
وأمام هذه الأزمات الخانقة والخلاف المحتدمه بين الحكومة والمعارضة وما قد تسببه من أ ضرار على الوطن إذا استمرت .
 
فإننا نرى أن يبدءوا ببناء الثقة فيما بينهم وأن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم وقد وضعنا بعض المقترحات نشرتها صحيفة الوسط ضمن موضوع لنا على النحو التالي :
 
ما دام وأنتم متفقون (أقصد السلطة والمعارضة ) من حيث المبدأ على ما جاء في اتفاق فبراير 2009م وكل فريق يدعي خروج الفريق الأخر على نصوصه .
 
1. أن تشكل لجنة قانونية من الطرفين تتولى دراسة نصوص اتفاق فبراير 2009م وأن ترفع اللجنة القانونية المكونة من الطرفين تقريراً واضحاً عن نصوصه الأصلية التي تم الاتفاق عليها موقع من جميع أعضائها إلى المؤتمر والمشترك وعلى الطرفين الالتزام بما تقره اللجنة القانونية .
 
2. أن تشكل لجنة تحضيرية مناصفةً كما تم الاتفاق سابقاً بين المؤتمر والمشترك وفي حالة اتفاق الطرفين فإن كل فريق سيطرح ما يراه مناسباً للحوار ولكن بعد أن يتم الاتفاق على الآلية المنظمة للحوار الوطني .
 
3. أن لا يملي فريق على الفريق الآخر شروطاً مسبقة.
 
هذا ما نراه من حلول بين الطرفين ونحن كمحايدين سنقف مع الطرف الذي نعتقد أنه مع مصلحة الوطن العليا .
 
 
 
 
 
 
 
التحدي الثاني :- القلاقل الأمنية في بعض المحافظات والقرصنة البحرية .
 
القلاقل الأمنية :
 
توجد الكثير من القلاقل الأمنية بصورة مختلفة وأنماط متعددة منها الاختطاف والنهب والتقطع والاعتداء على المواطنين وأملاكهم وعلى الأملاك العامة وإفراد الأمن الذين يؤدون واجباتهم.
 
وقد لا حظنا وجودها في بعض المحافظات بصورة أكبر من المحافظات الأخرى, وأنا لا أقصد محافظات بعينها وإنما محافظات الجمهورية بشكل عام ولكن بنسب متفاوتة وهذه الأعمال مرفوضة من جميع المواطنين ولا يمكن تبريرها مهما كانت وجاهة المطالب لما تؤدي أليه من انعكاسات سلبية على السكينة العامة كما أن اتساعها سيضر بالنسيج الاجتماعي المتماسك أصلاً وعلى سمعة البلاد دوليا ً وسيزيد الاقتصاد تأزماً وسيضر بالسياحة والاستثمار.
 
أما الأسباب المؤدية إلى وجود القلاقل الأمنية من وجهة نظري فهي على النحو التالي:-
 
1- تردي الأوضاع المعيشية .
 
2- ارتفاع البطالة وما تسببه من إحباط لدى الشباب.
 
3- وجود بعض القيادات في مراكز أكبر من أحجامهم بسبب الوساطة والمحسوبية والرشوة .
 
4- وجود بعض المتنفذين والذين كان لتصرفاتهم أثر سلبي على بعض المواطنين.
 
5- خضوع الدولة لمطالب بعض الخارجين على القانون سواء كان مطالبهم مشروعة أو غير مشروعة.
 
6- القرارات الجمهورية الأرضائيه في بعض المحافظات وبعض المؤسسات والوزارات .
 
7- إهمال بعض المؤهلين والقياديين من حقوقهم رغم ما يتمتعون به من الولاء الوطني.
 
8- ضياع حقوق المواطنين بين السلطة المركزية والمجالس المحلية .
 
لذلك فالدولة بحاجة إلى مراجعة منظومة متكاملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية منها حلول أنية تتعلق بالاحتياجات الضرورية للمواطن وهي كبح أرتفاع الدولار أما الريال اليمني وأن لا يتوقف الحل على ما يضخه البنك المركزي من الدولار على السوق المحلية بل مراجعة السياسية النقدية بأكملها من قبل المختصين في الجوانب النقدية.
 
توفير المشتقات البترولية وخاصة مادتي الديزل والغاز لتعلقهما باحتياجات المواطنين الضرورية وعدم المضاربة بهما لا ن المواطن لا يحتمل ارتفاع أسعارها .
 
ودراسة منح التراخيص للديزل وبعض المواد الأخرى ومراجعة الدعم الحكومي اللمنوح للمشتقات البترولية بما يعود نفعه على المواطن .
 
وجود منافسة بين المؤسسة الاقتصادية والمستوردين للمواد الغذائية لمحاولة الحد من ارتفاعاها .
 
أما الحلول التي تحتاج إلى مزيد من الوقت ومن الأموال الكبيرة والخطط المستقبلية فقط خصصت لها المحور الثالث لتحسين الوضع الاقتصادي.
 
مراجعة آلية القواعد التي يتم بها عمل المجالس المحلية بما فيها الانتخابات. الحد من عمل المتنفذين بالأراضي وعدم التدخل في شئون القضاء وتنفيذ الأحكام القضائية على أرض الواقع .
 
منح الشباب قروض ميسرة لإيجاد فرص عمل جديدة لهم من خلال أٌقامة مشاريع صغيرة في مجال التجارة والزراعة والحرف اليدوية وغيرها وتفعيل دور الصناعات الصغيرة والبحث عن المنظمات الدولية لدعمها .
 
أما ما يتعلق بالوظائف الحكومية فقد صرح نائب وزير الخدمة المدنية بأن طالبي العمل لهذا العام مائة وثمانون ألف خريج وشاب وهم في تزايد مستمر والمتاح لهذا العام خمسة عشر ألفاً وظيفة فقط في أطار السلطة المحلية والمحافظات هذا أذا ما نظرنا إلى طريقة توزيع هذه الوظائف الزهيدة التي قد تتسرب إلى بعض من لا يستحقها بفضل الطرق الملتوية وخاصة في المحافظات .
 
مساواة المناطق النائية بغيرها من المحافظات من حيث المشاريع والمشاركة السياسية وعدم الاعتماد على أشخاص بعينهم لما قد يولد من الكراهية للسلطة أذا استمرت بهذه الوتيرة دون أشراك المؤهلين سواء من السياسيين أو غيرهم من العناصر ذات الكفاءة ليس فقط في المحافظات بل و لوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية الهامة في العاصمة .
 
وإذا لم يتم المشاركة من الحكومة والمواطن والسلطات المحلية في وضع الحلول لاستقرار الأوضاع فإن الوضع قابل للتدهور ولن تكون القوة وحدها هي الحل الوحيد لإخمادها .
 
 
 
القرصنة البحرية
 
من المخاطر المحدقة ببلادنا هي القرصنة البحرية من خلال اعتراض السفن التجارية في المياه الدولية ، وبالقرب من مياهنا الإقليمية .
 
ولا نستبعد أن هناك دوافع دولية بعيدة المدى هدفها السيطرة المباشرة على المنافذ البحرية الهامة بذريعة عدم قدرة الدول المطلة عليها لحمايتها .
 
 التحدي الثالث :- تحسين الوضع الاقتصادي
 
لا غرو أن الوضع الاقتصادي يهم جميع دول العالم بلا استثناء.
 
فعلى إثره نشبت العديد من الحروب بين الدول بهدف السيطرة على المواقع الغنية بالثروات الطبيعية .
 
وتنافُس الدول الكبرى على استغلالها وكل دولة تسعى إلى تطوير اقتصادها بما يتناسب مع إمكانياتها .
 
وقد تكونت تكتلات اقتصادية عملاقة لهذا الغرض .
 
ماعدا الدول العربية الذي لازلنا نسمع نية أنظمتها على ضرورة قيام تكامل اقتصادي بين دولها ولكنها مجرد أمنيات لم تجد طريها على أرض الواقع .
 
ولا يمكن تحقيقها في ظل الأوضاع العربية الراهنة .
 
ونحن في اليمن كغيرنا من الدول نبحث على تحسين وضعنا الاقتصادي والذي ينتظره أبناء الشعب اليمني بفارغ الصبر مع التنبيه أن هناك تلازم وثيق بين الاستقرار الأمني وبين الاقتصاد .
 
ونحن في أمس الحاجة إلى وجود نهضة تنموية واستثمارية في جميع المجالات ولكن قبل ذلك لابد من وجود معالجات عاجلة لمخلفات حروب صعده .
 
والبحث عن الحلول المناسبة لإنهاء المناوشات الأمنية في بعض المحافظات بالطرق السلمية .
 
والتعامل مع الإعلام العربي والغربي بشفافية مطلقة .
 
والتأكيد على أولوية الاقتصاد بالنسبة لبلادنا وفق المعايير الدولية المتبعة أثناء التعامل مع الولايات المتحدة بدل اختزال الشراكة معها في مجال مكافحة الإرهاب والذي يجعل أصحاب رؤوس الأموال الأجنبية يفرون منا اعتقاداً منهم بعدم وجود الأمن الكافي لحماية استثماراتهم . ورغم أنه قد سبق الحديث عن القرصنة البحرية إلا أن هناك مواضيع لا يمكن التحدث عنها إلا ضمن الإطار الاقتصادي
 
إضافة إلى ما تلحقه القرصنة من أضرار على الملاحة الدولية والمحلية ، فإن لها تبعات أخرى وهو التأثير المباشر على الاستثمار في المنطقة الحرة بعدن .
 
حتى ولو كان الأمن مستتباً فإنه يمكن تسويق تلك الذرائع الأمنية بغرض توقيف عجلة التنمية في مدننا الساحلية الهامة بحيث لا تصبح منافساً رئيسياً وقوياً للمدن المزدهرة حالياً بالتجارة الدولية .
 
الاستحقاقات الضرورية لتطوير البنية الاقتصادية
 
ولكن هناك استحقاقات لا مناص من وجودها على المستوى الداخلي والمستوى الخارجي .
 
1-المستوى الداخلي :
 
1. تنمية القوى البشرية .
 
2. استكمال البنية التحتية في جميع أنحاء البلاد .
 
3. توفير الطاقة الكهربائية .
 
4. استكمال المشاريع الإستراتيجية التي تعتمد على الخامات المحلية كالاسمنت وجميع الضروريات المهمة التي تدخل في مواد البناء كالحديد والزجاج نظراً لما تلتهمه من مدخرات سواء من المستهلكين أو القطاع العام .
 
5. الاهتمام بالجانب الزراعي وذلك من خلال دراسة دقيقة للمياه والتربة والتضاريس بدلاً من الزراعة العشوائية وتخصيص كل منطقة لزراعة المنتجات التي تتلاءم مع الطبيعة المناخية لها .
 
وإذا طبقت هذه المفاهيم فإننا سنكون من البلدان القلائل في الوطن العربي التي تزرع جميع المحاصيل طوال العام .
 
6. الاهتمام بالثروة السمكية ، وتطبيق المواصفات الدولية أثناء الإنتاج وا لتعليب كما نأمل أنها قد تمت الإجراءات المناسبة من قبل السلطات المختصة لحماية الثروة السمكية من التجريف والتفجيرات التي كانت في السابق ، وضبط السفن التي تدخل مياهنا الإقليمية بصورة غير مشروعة .
 
2-المستوى الخارجي :
 
هناك استحقاقات في غاية الأهمية على المستوى الخارجي منها :-
 
1. توفير الأمن .
 
2. توفير الأراضي اللازمة الخالية من المنازعات المراد استثمارها للأغراض الصناعية .
 
3. سرعة الإجراءات والابتعاد عن الروتين الممل .
 
4. وضع الخطط والبرامج للمشاريع المراد إقامتها بوضوح كامل .
 
5. إنشاء محاكم مختصة لفض المنازعات التي قد تحصل بين المستثمر الأجنبي والأطراف اليمنية بما فيها الحكومة وفقاً لأحكام القانون الخاص الدولي .
 
6. تلبية طلب المانحين الدوليين بقائمة المشاريع المطلوبة من الحكومة اليمنية والتي ستغطي بها المبالغ المرصودة لليمن والتي تفوق خمسة مليار دولار .
 
سياسة التوازن الدولي
 
مع إدراكنا للتحولات الدولية وتضارب المصالح بين الدول فإن عملية العلاقات الدولية معقده جداً ومتشابكة .
 
رغم وجود التكتلات الدولية كالإتحاد الأوربي والأسيوي والأفريقي .
 
لأن بعض الدول الكبرى النافذة تقتضي مصلحتها أن تتغاضى عن أعمال دولة أخرى مماثلة لها في القوة ، حتى ولو يتنافى مع الأعراف الدولية فعندما غزت أمريكا العراق لم تتخذ روسيا مواقف جدية رغم العلاقات القوية التي كانت تربطها بالعراق قبل الغزو وفي المقابل تغاضت أمريكا عن روسيا أثناء حربها في الشيشان واعتبرت ذلك من شئون روسيا الداخلية .
 
بعكس تعاملها في دول البلقان وانتهاءً بحرب جورجيا وهنا تكمن الخطورة فالدول النامية ربما تصبح مناطق نفوذ لدولة كبرى دون أن يكون لها يد في ذلك كما حصل في معاهدة سايس بيكو من تقسيم للوطن العربي بدون عمله ورغم إرادته .
 
ونخشى أن يتكرر المشهد في الوقت الحاضر .
 
اليمن في إطار سياسة التوازن الدولي
 
اليمن يمتلك أوراق سياسية رابحة في مجال اللعبة الدولية رغم ما يعاني من ضغوط وتحديات .
 
والقيادة السياسية العليا بحاجة إلى خلق سياسة متوازنة مع جميع الدول الصديقة بما فيها الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية الشقيقة . بدون تشنج أو حساسيات على أن تكون المصلحة الاقتصادية على رأسها .
 
فعلى سبيل المثال روسيا تربطها ببلادنا علاقات جيدة وقديمة ، وكان العتاد العسكري في شمال الوطن وجنوبه قبل الوحدة وبعدها أغلبه من روسيا .
 
والذي نقصده هنا هو التعاون في المجال الاقتصادي وهذا لا ينفي وجود العديد من البروتوكولات والاتفاقيات الدولية بين بلادنا والعديد من دول العالم ولكنها لا تفي بالمتطلبات الاقتصادية المتعاظمة يوماً بعد يوم وكذلك الصين علاقانتا بها قديمة وجيدة وكان أول طريق في الشمال نفذه الصين من صنعاء إلى الحديدة وأول مصنع للغز ل والنسيج في صنعاء .
 
وقد اكتسحت في الفترات الأخيرة السوق العالمية في مجال السلع التجارية ومن ضمنها بلادنا واتجه الكثير من رجال الأعمال اليمنيين إلى الصين بسبب أسعارها التي تتفق وإمكانيات دخل المواطن في الجمهورية اليمنية . وفتح المجال للشركات الصينية سيجعل الشركات الأخرى تقدم خيارات أفضل لليمن بغرض المشاركة في الاستثمار بما فيها الشركات الأوروبية الغربية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا والدول الأسكندنافيه واليابان وهذه الدول تمتلك تقنيات عالمية وعالية الجودة وإن كان يُعاب عليها ارتفاع أسعارها ولو أن العرب استطاعوا أن يمثلوا قوة سياسية واحدة ومتماسكة لما استفردت الدول الكبرى بكل دولة عربية لمفردها ولما بحثت كل دولة عربية لمصالحها الخاصة والضيقه .
 
 
 
التلاحم الوطني
 
وأمام هذه الأخطار فإننا بحاجة ماسة للتعامل معها بحكمة وحنكة سياسية تُجنب بلادنا الأنزلاق في مهب التيارات الدولية العاتية التي لا تفرق بين العدو والصديق .
 
وأن يكون لدينا الإلمام الكافي بما يُحاك ضدنا من مؤامرات .
 
من أمثلة ذلك أن بعض المحللين السياسيين الغربيين يبدون تخوفاتهم أن تصبح بلادنا مأوى للإرهاب ويطالبون بلادنا بالضرب بيد من حديد لاقتلاع الإرهاب .
 
ولا يوجد أي خلاف في حماية أي بلد من البلدان ومن ضمنها اليمن من أي تهديدات أمنية حتى ولو أدى ذلك إلى استخدام الوسائل العسكرية ولكن هناك شروط لابد من توافرها في حالة استخدام القوة العسكرية
 
أن تكون للضرورة القصوى ونابعة من الخيار الوطني .
 
وأن تكون جميع الوسائل السلمية قد استنفذت وأن يكون استخدامها بدون أي إملاءات دولية .
 
حينئذٍ سيعزز من قوة الدولة وبسط نفوذها ، ويجعل المجتمع الدولي ينظر لها باحترام وبمنظار الند للند لا بمنظار التبعية لا سمح الله .
 
لذلك فنحن نشدد على ضرورة أن يكون موقف بلادنا حيال ما يجري بأنه شأن داخلي.
 
ولا نقبل بأي حال من الأحوال أن نصنف من أي جهة دولية ، بأننا مأوى للإرهاب .
 
بل أننا أقدر على إدارة شؤننا وأمننا ولسنا بحاجة إلى أي تدخلات دولية .
 
لأننا مهما اختلفنا داخلياً ومهما كانت انتماءاتنا السياسية ، إلا أننا أمام أي هجمة خارجية نمثل صفاً واحداً ونشكل سداً منيعاً في مواجهة أي أخطار تحيط ببلادنا سواء من الداخل أو الخارج .
 
يتساوى في ذلك القيادة السياسية العليا وأحزاب المعارضة وجميع فئات وتكوينات الشعب اليمني .
 
وعلينا أن نأخذ العبرة فيما يجري في بعض الدول من صراعات وقتال مرير أدى إلى نتائج كارثية على شعوبهم .
 
 
 
والله من وراء القصد