(الشيخ - التاريخ - الوطن):مرثية في وفاة الشيخ الأحمر للشاعر فؤاد الحميري

في وفاة شيخ اليمن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر

الشيخ - التاريخ – الوطن

ألم على ألم وقلبي يقطرُ

وجوانحي من حزنها تتفطرُ

والعين ساهرة الجفون كأنها

ترنو وتبصر إنما لا تبصرُ

ولواعج الأشجان تملأني أسى

ليست بغائبة وليست تحضرُ

ومن المعاني ما يزاحم بعضها

بعضاً فتخرج من فمي تتعثرُ

وإذا بأنفاسي تسابق نفسها

فأظن أن شهيقها لا يزفرُ

روحي بلا روح ونفسي مالها

نفس وليس لدى الشعور مشاعرُ

وهواي دون هوى وشوقي دونما

شوق وما بين الخواطر خاطرُ

وكأنني غيري ولست أنا أنا

وسواي ليس سواي بل هو آخرُ

ماعدت أدري غير لا أدري, ومن

يدري الذي أدري ولا يتحيرُ

الشيخ مات: أمات أم صعد العلا

لما رآنا للأسافل ننظرُ

أيموت قرص الشمس عند غيابه

أيموت نجم الليل إذ يتسترُ

أتموت نسمات الهواء لأنها

غابت عن الرائي فليست تظهرُ

أيموت بذر الأرض في جوف الثرى

أم أنه في جوفه يتجذرُ

ما مات من أحيا موات نضالنا

فإذا بنا شعب أبي ثائرُ

ما مات من أهدى البلاد حياته

لما رأى من حوله يتقهقرُ

من أثبت الأقدام حين تزيلوا

وتقدم الساحات يوم تأخروا

لو جف بحر في الحديدة أحمر

فلنا بديلاً عنه شيخ أحمرُ

يا من يموت فينتهي تاريخه

ما مات من أبقى لنا ما يذكر

ما مات من أعطى مثالاً يحتذى

ما مات من أحيا جهاداً يشكر

ختم الزمان بختمه فزماننا

من غير خاتمه الكريم مزور

لولاه والأحرار بعد الله ما

كان اليمانيون يوماً جمهروا

ما أحرز الأبطال إنجازاً وما

صاغوا قوانينا لنا أو (دستروا)

بصماته في كل خير هاهنا

وله على طول البلاد مآثرُ

حفظ الهوية للبلاد وأهلها

فبه وبالعلماء شعبي يفخرُ

ورث الزبيري قائداً ومناضلاً

وأبا وأستاذاً فمن ذا ينكرُ

هو مفصل التغيير غير منازع

ومهندس التطوير إذ نتطورُ

هو حاضر ماض إذا عرّفته

وإذا أردت لقلت: ماض حاضرُ

أمسطر التاريخ إن لشعبنا

شيخ هو التاريخ ليس يسطرُ

تبكيك يا شيخ السحاب بمزنها

والأرض آبار تفيض وأنهرُ

تبكيك أيتام مسحت رؤوسها

يبكيك مظلومون كنت تناصرُ

يبكيك مرضى طالما واسيتهم

ودفعت عنهم شر ما يتصورُ

وجهاء، تجار، ضعاف، عالة

وقبائل ومثقفون وعسكرُ

عدن وصنعاء أنين واحد

حتى وفاتك وحدة وتآزرُ

يبكيك أقصانا الذي ناصرته

بالروح والدم يوم قل الناصرُ

تبكيك غزة في الحصار بقولها

بوفاتكم يا شيخنا سأحاصرُ

كم باهت الدنيا بكم أبنائها

واليوم أخرانا بكم تستبشرُ

فالأرض حزنى والسماء سعيدة

والناس سكرى والملائك تخطرُ

هو رائد الإصلاح شيخ شيوخنا

أنعم به من قائد لا يقهرُ

أرسى لنا نهجاً سوياً واضحاً

بنيانه في كل يوم يكبرُ

نبذ التعصب والتزمت جانباً

ومضى يباركه الكتاب النيرُ

أرضى الجميع حبيبه وعدوه

فالصب يهوى والعدو يقدرُ

طوبى لمن ولدته أو ولدت له

أو مثله, وسوى الثلاث فعاقرُ

***

إن يقبر الأبطال في أوطانهم

ففقيدنا وطن فأين سيقبرُ?

*في وفاة شيخ اليمن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر/ للشاعر: فواد الحميري